لأول مرة في المملكة: الذكاء الاصطناعي يدخل حظائر الماشية بدعم من برنامج "ريف"

أكّد برنامج التنمية الريفية الزراعية المستدامة "ريف السعودية" على أهمية تمكين صغار مربي الماشية في مختلف مناطق المملكة، بوصفهم ركيزة أساسية في منظومة الإنتاج الحيواني، مشيرًا إلى أن تعزيز قدراتهم يساهم بشكل مباشر في تحسين الإنتاجية وتنمية الاستثمارات في مجال الثروة الحيوانية، مما يدعم التوجه الوطني نحو تحقيق الأمن الغذائي المستدام.
وسلط البرنامج الضوء على جهوده التطويرية خلال العام الماضي، خاصة في ما يتعلق بالإدارة الرقمية لمزارع التربية المكثفة، حيث تم ولأول مرة في المملكة، وربما عالميًا، تطبيق نظام رقمي مبتكر يحمل اسم (Saudi Smart Flock)، يعتمد على تقنيات إنترنت الأشياء والتعرف على الوجه لإدارة قطعان المجترات الصغيرة.
إقرأ ايضاً:"السعودية للمياه": غلق مفاجئ لمحطات تعبئة مياه في الرياض بعد الكشف عن تجاوزات خطيرة.. ماذا حدث؟"لم أتهمكم بالغش!"...ماكسيمان يفجر قنبلة المنشطات ويكشف ما دار خلف الكواليس
وأوضح المتحدث الرسمي باسم البرنامج، ماجد البريكان، أن النظام الجديد يُعد نقلة نوعية في إدارة الماشية، حيث يجمع بين دقة التقنية وشمولية الأداء، ويُعتبر الأول من نوعه على مستوى العالم في تمييز المجترات الصغيرة اعتمادًا على ملامح الوجه، مما يوفر أداة دقيقة لمتابعة الحالة الفردية لكل حيوان في القطيع.
وبيّن البريكان أن النظام تم تطبيقه بنجاح في ست مزارع صغيرة كنموذج أولي، وأثبت كفاءته العالية في مراقبة الإنتاج وتوثيق الحالة الصحية ومتابعة سجلات الحيوان بشكل لحظي، مما يسهم في رفع كفاءة الإنتاج وتقليل الفاقد، وبالتالي تحسين العوائد الاقتصادية لصغار المربين.
ويقوم النظام على منصة ذكية يمكن الوصول إليها بسهولة، وتوفر أدوات متعددة للمربي تشمل متابعة معدلات الإنتاج لكل رأس ماشية، وإشعارات فورية بشأن الوضع الصحي، بالإضافة إلى إدارة شاملة للسجلات الرقمية للحيوانات، ما يسهّل اتخاذ القرارات بناءً على بيانات دقيقة ومحدثة.
ويتميّز النظام بإمكانية استخدامه في بيئات التربية المكثفة والتقليدية على حد سواء، حيث يوفر مرونة كبيرة في التطبيق، ما يجعله ملائمًا لاحتياجات مختلف أنماط التربية المنتشرة في أرجاء المملكة، ويمنح المربين القدرة على مواكبة التحول الرقمي بسهولة.
ومن أهم خصائص النظام التقنية استخدام خاصية تمييز الحيوان من مقدمة الوجه، الأمر الذي يعزز من دقة التعرف دون الحاجة إلى أدوات تدخلية أو أجهزة تعريف خارجية، ما يضمن سلامة الحيوان ويقلل من التكاليف المترتبة على الترقيم التقليدي.
وأشار البريكان إلى أن هذا الابتكار التقني يُعد إنجازًا سعوديًا بامتياز، ويعكس جهود "ريف السعودية" في دعم الابتكار والتكنولوجيا في القطاع الزراعي والريفي، عبر توفير حلول ذكية تُحاكي التطورات العالمية وتلبّي متطلبات المربين المحليين في بيئة صعبة وتنافسية.
ويعكس المشروع توجه البرنامج نحو توظيف الذكاء الاصطناعي وإنترنت الأشياء لتحسين أداء القطاعات الريفية، وجعلها أكثر استدامة وكفاءة، كما أنه خطوة عملية نحو بناء قطاع زراعي حديث يوازن بين التكنولوجيا والبيئة والاقتصاد المحلي.
ويُعطي هذا النظام قيمة مضافة كبيرة في تتبع الأداء الصحي والإنتاجي للماشية، ما يساعد في تقليل نسب النفوق، وتحسين جودة اللحوم والحليب، ويُسهم بشكل مباشر في تقليل التكاليف التشغيلية على المدى الطويل، مما يرفع من قدرة صغار المربين على المنافسة في الأسواق المحلية.
ويُشار إلى أن قطاع صغار مربي الماشية يُعد من القطاعات التي تحظى باهتمام كبير ضمن برنامج "ريف السعودية"، حيث يُقدم الدعم المالي والفني لآلاف المربين بهدف تحسين دخولهم ورفع مستوى المعيشة، وتطوير أساليب التربية التقليدية بما يضمن استدامة الإنتاج.
ويرى مراقبون أن تطبيق نظام "Saudi Smart Flock" سيكون له أثر تحويلي على القطاع الحيواني في المملكة، خاصة إذا تم تعميمه على نطاق أوسع، ليشمل المزارع المتوسطة والكبيرة، ما يعزز من كفاءة سلسلة الإمداد الغذائي ويُقلل من الهدر والإصابات الوبائية.
كما أن إدخال تقنيات متقدمة في تربية الحيوانات يسهم في بناء منظومة زراعية أكثر ذكاء، ويُمهّد الطريق أمام استثمارات جديدة في القطاع الريفي، حيث تزداد ثقة المستثمرين بوجود أنظمة إدارة حديثة تعزز من العائد وتُقلل المخاطر.
وتأتي هذه الجهود في سياق دعم رؤية المملكة 2030، التي تضع في أولوياتها تطوير الريف السعودي، وتحقيق الأمن الغذائي، ورفع كفاءة القطاع الزراعي من خلال الحلول التقنية والمستدامة، بما يضمن تنوع الاقتصاد واستدامة موارده الطبيعية.