في ظهور نادر أثار القلق.. هل قرش الحوت الذي شوهد في جدة خطر على البشر؟

قرش الحوت
كتب بواسطة: سعد محمد | نشر في  twitter

في ظهور نادر أثار مزيجًا من الدهشة والقلق، تداول مستخدمو منصات التواصل الاجتماعي مقطع فيديو مؤثر، يظهر أكبر سمكة في العالم، قرش الحوت، وهو يسبح بهدوء في مياه البحر الأحمر قبالة سواحل مدينة جدة.

هذا المشهد، الذي وثقه أحد المواطنين وقدر طول الكائن البحري فيه بحوالي سبعة أمتار، سرعان ما انتشر على نطاق واسع، ليفتح باب التساؤلات حول طبيعة هذا الضيف العملاق، ومدى خطورته، والسبب وراء اقترابه من الشاطئ بهذا الشكل.


إقرأ ايضاً:لماذا وافقت 8 دول من "أوبك بلس" على زيادة الإنتاج؟ خبير يكشف الأسباب الخفيةتعاونك يحمي الوطن: بلّغ عن مهربي المخدرات فورًا. حرس حدود جازان يحبط تهريب 160 كجم من القات

ورغم أن كلمة "قرش" قد تثير شعورًا بالخوف لدى الكثيرين، إلا أن الحقيقة العلمية تؤكد أن قرش الحوت هو كائن مسالم ولطيف، ولا يشكل أي خطر على الإطلاق على البشر، فهو لا يمتلك أسنانًا حادة، ويعتمد في غذائه بشكل كامل على العوالق والأسماك الصغيرة جدًا، من خلال فلترة مياه البحر.

ويعتبر الخبراء والعلماء ظهور قرش الحوت بالقرب من السواحل ليس مؤشر خطر، بل هو علامة إيجابية ومؤشر قوي على صحة وسلامة البيئة البحرية في المنطقة، فوجوده يعني أن المياه غنية بالعوالق البحرية التي تمثل قاعدة الهرم الغذائي، وهو ما يدل على نظام بيئي متوازن ومزدهر.

ويعد البحر الأحمر أحد أهم الممرات المائية التي تعيش وتهاجر عبرها أسماك قرش الحوت، ورؤيتها في المياه السعودية هو أمر طبيعي، وإن كان اقترابها من الشواطئ المأهولة بالسكان يعتبر حدثًا نادرًا يستحق التوثيق والتأمل.

وعادة ما تدعو الجهات البيئية المختصة، مثل المركز الوطني لتنمية الحياة الفطرية، في مثل هذه الحالات، مرتادي البحر من أصحاب القوارب والمتنزهين، إلى عدم الاقتراب من هذا الكائن أو محاولة لمسه أو إزعاجه، والاستمتاع بمشاهدته عن بعد، وإعطائه المساحة الكافية ليواصل رحلته بسلام.

إن قرش الحوت، الذي يتميز بجلده المزرق المرصع بنقاط بيضاء فريدة تشبه بصمة الإصبع، هو كنز من كنوز البحار، لكنه للأسف مصنف ضمن الكائنات المهددة بالانقراض على المستوى العالمي، بسبب عدد من المخاطر التي يواجهها مثل الصيد الجائر والتلوث البلاستيكي وحركة السفن الكثيفة.

لذلك، فإن ظهوره على سواحلنا يضع علينا جميعًا مسؤولية أخلاقية وبيئية للحفاظ عليه، والتأكد من أن بيئتنا البحرية ستظل دائمًا مكانًا آمنًا ومناسبًا لحياته وتكاثره، وهو ما يتماشى مع المبادرات الكبرى التي تطلقها المملكة لحماية البيئة البحرية للبحر الأحمر.

ويأتي هذا الظهور النادر ليعيد إلى الأذهان الثراء والتنوع البيولوجي الذي تتمتع به مياه المملكة، والتي تحتضن كائنات بحرية فريدة، وشعابًا مرجانية تعد من بين الأجمل في العالم، مما يعزز من مكانة السعودية كوجهة سياحية بيئية واعدة، ضمن مستهدفات رؤية 2030.

ففي العديد من دول العالم، يعتبر نشاط السباحة والغوص مع قرش الحوت المسالم، أحد أهم وأغلى الأنشطة السياحية البيئية، وهو ما يؤكد على القيمة الكبيرة لوجود مثل هذه الكائنات في مياهنا الإقليمية.

إن مقطع الفيديو الذي التقطه المواطن، هو مثال رائع على دور "العلم المجتمعي"، حيث يمكن للمواطنين العاديين أن يساهموا في توثيق ورصد الحياة الفطرية، وتقديم بيانات قد تكون مفيدة للباحثين والعلماء المتخصصين في دراسة هجرة وسلوك هذه المخاطEات النادرة.

إن القلق المبدئي الذي شعر به البعض عند رؤية هذا الكائن الضخم، سرعان ما يجب أن يتحول إلى شعور بالدهشة والتقدير لجمال وعظمة خلق الله، وإلى إحساس بالمسؤولية تجاه حماية هذا التراث الطبيعي الفريد.

وفي النهاية، فإن زيارة قرش الحوت لسواحل جدة هي هدية طبيعية ثمينة، ودعوة مفتوحة لنا جميعًا لإعادة اكتشاف الكنوز التي يخبئها البحر الأحمر، والعمل بجد للحفاظ عليها، لتظل هذه المشاهد النادرة مصدر إلهام ومتعة للأجيال الحالية والقادمة.

اقرأ ايضاً
الرئيسية | هيئة التحرير | اتصل بنا | سياسة الخصوصية