جراحة نادرة تنقذ طفلًا من التحام كاذب بالساق في بريدة

شهدت مدينة بريدة إنجازًا طبيًا جديدًا يضاف إلى سلسلة النجاحات الطبية في مستشفيات المملكة، حيث تمكن فريق جراحي متخصص من إجراء عملية نادرة لطفل يعاني من حالة التحام كاذب في عظمة الساق، وهو أحد أكثر أنواع الإصابات العظمية تعقيدًا لدى الأطفال.
الطفل، الذي لم يتجاوز عمره سنواته الأولى، كان يعاني من حالة مرضية نادرة تسببت في توقف النمو الطبيعي لعظمة الساق، بسبب ما يُعرف بالالتحام الكاذب، وهي حالة تفشل فيها العظام في الالتئام بشكل طبيعي بعد كسر أو تشوه خلقي، ما أدى إلى صعوبة في المشي وآلام مستمرة.
إقرأ ايضاً:"التجارة السعودية" تتصدى للإغراق.. قرار صارم لحماية السوق المحلي من الواردات الرخيصة وغير المشروعةفلاته يشعل الجدل حول خيسوس والنصر.. هل تتغير وجهة العالمي؟
وبحسب التفاصيل الطبية التي كشفت عنها الجهات الصحية في منطقة القصيم، فإن حالة الطفل تم تشخيصها مبكرًا بدقة، وهو ما ساعد على تحديد الخطة العلاجية المناسبة، خصوصًا أن هذا النوع من الحالات يتطلب تدخلاً جراحيًا عالي الدقة ومهارة متقدمة في تقنيات العظام.
الفريق الطبي المشرف على الحالة أوضح أن التحام العظام الكاذب يُعد من التحديات الجراحية، إذ يتطلب تدخلًا متعدد المراحل يبدأ بإزالة الأنسجة الليفية غير الطبيعية التي تمنع التئام العظم، مرورًا بزراعة رقائق عظمية، وانتهاءً باستخدام أجهزة تثبيت دقيقة تساعد على التئام العظام في وضعها الصحيح.
وأجريت العملية داخل أحد مستشفيات وزارة الصحة في بريدة، حيث تم استدعاء فريق طبي متخصص في جراحة عظام الأطفال وجراحات التصحيح المعقدة، بالتنسيق مع فريق التخدير والتأهيل الطبي لضمان سلامة الطفل قبل وأثناء وبعد العملية.
واستغرقت الجراحة عدة ساعات، تم فيها التعامل مع الجزء المصاب من العظمة بدقة عالية، مع الحرص على الحفاظ على الدورة الدموية والتغذية العظمية للمنطقة، وهو عامل أساسي في ضمان نجاح العملية وتعافي العظم لاحقًا.
ما ميز هذا الإنجاز الطبي هو الدقة التي جرى بها التنفيذ، والتخطيط المسبق الذي ساعد في تقليل المخاطر المحتملة، إضافة إلى استخدام تقنيات حديثة في التثبيت العظمي، الأمر الذي ساعد على استعادة الشكل الطبيعي للساق، وإعادة توزيع الوزن عليها بشكل تدريجي.
وقد عبرت أسرة الطفل عن امتنانها الكبير للفريق الطبي والطاقم التمريضي، مشيدين بالرعاية التي تلقاها طفلهم منذ لحظة دخوله المستشفى وحتى خروجه من غرفة العمليات، مؤكدين أن هذه الرعاية تعكس التقدم الكبير الذي تشهده الخدمات الصحية في المنطقة.
وأفادت صحة القصيم بأن الطفل دخل في مرحلة التعافي، حيث يخضع حاليًا لبرنامج تأهيلي يهدف إلى استعادة قدرته على المشي بشكل طبيعي، وذلك تحت إشراف مباشر من أطباء العلاج الطبيعي والتأهيل، مع مراقبة دقيقة لنمو العظام واستجابتها للعلاج.
ويؤكد الأطباء أن نتائج العملية مبشرة، وأن احتمالية التحام العظام بطريقة طبيعية أصبحت عالية بعد نجاح الجراحة، مما سيجنب الطفل مضاعفات خطيرة كان من الممكن أن تؤثر على نموه الحركي مستقبلاً.
ويأتي هذا الإنجاز في سياق دعم وزارة الصحة المستمر لتطوير مهارات الفرق الطبية المتخصصة، وتعزيز الكفاءات المحلية في التعامل مع الحالات النادرة والمعقدة، دون الحاجة لتحويلها إلى مستشفيات خارج المنطقة أو إلى مراكز طبية دولية.
كما يعكس هذا النجاح مستوى التقدم في تقنيات الرعاية الصحية في المملكة، وخصوصًا في التخصصات الدقيقة التي تستهدف فئة الأطفال، والتي تتطلب تجهيزات خاصة وفريقًا ذا كفاءة متميزة لضمان أفضل النتائج.
وأكدت الجهات الصحية أن مستشفى بريدة سيواصل إجراء مثل هذه العمليات النوعية، في ظل ما يمتلكه من إمكانات متقدمة ودعم مستمر من وزارة الصحة، بما يواكب رؤية المملكة 2030 في تطوير القطاع الصحي وخدمة المجتمع بكفاءة وجودة عالية.
وتُعد هذه الجراحة واحدة من أبرز العمليات التي أُجريت مؤخرًا في منطقة القصيم، وتفتح المجال أمام التعامل مع المزيد من الحالات المشابهة داخل المملكة، دون الحاجة إلى السفر أو انتظار تحويلات خارجية، وهو ما يقلل الوقت والتكلفة ويرفع من ثقة المواطنين في قدرات المستشفيات المحلية.