"التجارة السعودية" تتصدى للإغراق.. قرار صارم لحماية السوق المحلي من الواردات الرخيصة وغير المشروعة

أعلنت الهيئة العامة للتجارة الخارجية عن فرض رسوم نهائية لمكافحة الإغراق على واردات منتج أنابيب ومواسير الفولاذ المقاوم للصدأ (ستانلس ستيل) ذات المقاطع الدائرية الملحومة طوليًا، والتي يتم استيرادها من جمهورية الصين الشعبية وتايوان، في خطوة تستهدف حماية الصناعة الوطنية من الممارسات التجارية الضارة وغير العادلة التي أضرت بسوق المنافسة المحلية.
وبحسب البيان الرسمي، فإن تطبيق هذه الرسوم سيبدأ اعتبارًا من 30 يونيو 2025، ويستمر لمدة خمس سنوات كاملة، حيث تتراوح نسب الرسوم التي تم إقرارها بين 6،5% و27،3% بحسب درجة تأثير الاستيراد على السوق المحلية ونطاق الضرر الذي تم التحقق منه عبر التحقيقات الفنية.
إقرأ ايضاً:جوارديولا: الهلال فريق منظم ويمتلك جودة عاليةمجموعة السبع تتفق مع واشنطن على تسوية بشأن الضريبة العالمية على الشركات
وجاء هذا القرار استنادًا إلى نتائج التحقيق النهائي الذي فتحته الهيئة بتاريخ 2 مايو 2024، بعد تلقيها شكوى رسمية من أحد منتجي الأنابيب المحليين، الذين أبدوا تضررهم من تدفق واردات منخفضة السعر، اعتبروها ممارسة إغراقية تهدد توازن السوق وتؤثر سلبًا على قدرات المصانع الوطنية في الاستمرار والتوسع.
ووفقًا للهيئة، فإن هذه الإجراءات تأتي بموجب نظام المعالجات التجارية في التجارة الدولية ولائحته التنفيذية، الذي يمنح الجهات المختصة الحق في حماية الصناعات المحلية من التأثيرات الضارة للواردات المغرقة، بشرط إجراء تحقيق شامل يثبت الضرر بشكل واضح ويضمن عدالة القرارات المتخذة.
وأكدت الهيئة في إعلانها أن التحقيق خضع لمراحل قانونية دقيقة، شملت تحليل بيانات الأسواق، ومراجعة ظروف المنافسة، والاستماع لأقوال كافة الأطراف المعنية من منتجين ومستوردين ومصدرين، إضافة إلى تحليل شامل لحجم الضرر اللاحق بالصناعة الوطنية نتيجة الفروقات الكبيرة في الأسعار.
وأشارت إلى أن نتائج التحقيق أوضحت وجود علاقة سببية مباشرة بين الواردات المغرقة القادمة من الصين وتايوان، وحالة التراجع التي شهدتها الصناعة المحلية من حيث الأرباح، الحصة السوقية، التشغيل، والطاقة الإنتاجية، وهو ما شكّل أساسًا موضوعيًا لفرض الرسوم الوقائية.
وأوضحت الهيئة أن الرسوم تختلف من مورد إلى آخر بحسب نسبة الإغراق المثبتة، وتُطبّق فقط على المنتج محل التحقيق، مما يعني أن واردات المنتجات الفولاذية الأخرى من الصين أو تايوان التي لا تقع ضمن وصف المنتج المستهدف، لن تتأثر بالقرار.
ودعت الهيئة جميع الشركات والمستوردين والموزعين المعنيين إلى مراجعة تفاصيل القرار المنشور رسميًا في جريدة "أم القرى" بتاريخ 29 يونيو 2025، كما خصصت صفحة “الإعلانات والتعاميم لتحقيقات المعالجات التجارية” على موقعها الإلكتروني لتقديم كل ما يتعلق بالقضية من مستندات وبيانات تفسيرية.
ويُعد فرض هذه الرسوم خطوة نوعية ضمن سياسات المملكة الهادفة إلى بناء منظومة صناعية قوية ومستدامة، تُراعى فيها المنافسة العادلة، وتحفز الإنتاج المحلي بما يتماشى مع رؤية السعودية 2030 في تنويع القاعدة الاقتصادية ودعم القطاعات غير النفطية.
ويعكس القرار حرص الجهات التنظيمية على ضمان بيئة سوق صحية تتيح للمصنعين المحليين التنافس في ظل قواعد شفافة وعادلة، بعيدًا عن التأثيرات السلبية للممارسات التجارية غير النظامية التي تهدف إلى إغراق السوق والتسبب بخسائر طويلة الأجل.
كما أن هذا التحرك يرسل رسالة واضحة إلى الأسواق الخارجية بأن المملكة ستواصل الدفاع عن مصالحها التجارية وفق ما تنص عليه اتفاقيات منظمة التجارة العالمية، مع التزامها الكامل بالإجراءات القانونية والمعايير الدولية للتحقيق واتخاذ القرار.
ويأتي هذا القرار أيضًا في سياق تصاعد التحديات التي تواجه الصناعات المحلية في العديد من القطاعات جراء المنافسة غير المتكافئة، ما يجعل من السياسات الحمائية المشروعة أداة ضرورية للحفاظ على التوازن وضمان استمرار الأنشطة الإنتاجية بكفاءة.
ويُتوقع أن تسهم هذه الرسوم في إعادة التوازن إلى سوق أنابيب الفولاذ المقاوم للصدأ داخل المملكة، عبر تقليل حجم الواردات الرخيصة وزيادة الحصة السوقية للمنتج الوطني، ما يؤدي بدوره إلى رفع معدلات التشغيل والتوظيف داخل القطاع الصناعي.
كما أن من شأن القرار أن يشجع المستثمرين في المجال الصناعي على توسيع قدراتهم الإنتاجية والاستثمار في تقنيات جديدة، في ظل وجود حماية تنظيمية توفر هامش استقرار يساعد على التخطيط طويل المدى وتحقيق النمو المستدام.