لأول مرة في الدمام..فريق سعودي ينقذ مريض مصاب بالقدم السكرية من بتر وشيك

مجمع الدمام الطبي
كتب بواسطة: محمد لؤلؤ | نشر في  twitter

نجح فريقٌ طبيٌّ متخصص في مجمع الدمام الطبي، أحد ركائز شبكة الدمام الصحية التابعة لتجمع الشرقية الصحي، في إنقاذ مريضٍ مصابٍ بالقدم السكرية من بترٍ وشيك، معتمدًا على تقنيةٍ علاجية مبتكرة تُنفَّذ للمرة الأولى على مستوى المنطقة الشرقية، وهو إنجازٌ يُجسِّد التزام المنشأة بتبنّي أحدث الأساليب العالمية وتقديم رعايةٍ تخصصية متقدِّمة.

المريضُ، وهو في بداية الخمسينيات، وصل إلى قسم الطوارئ مع تقرّحاتٍ متفاقمة في قدمه اليسرى وألمٍ مبرِّح ناجمٍ عن انسدادٍ حادٍّ وتكلساتٍ شديدة بالشرايين، ما جعل البتر الخيارَ الأقرب إن لم تُستعد التروية خلال ساعاتٍ محدودة، وفي ضوء تلك المعطيات، استنفر الفريقُ الطبي خبراته وموارده لإنقاذ الطرف المصاب.
إقرأ ايضاً:مفاجأة الموسم.. "إكرام الضيف" تكشف عن جائزة تُثير التنافس وتُعزز الإبداع في خدمة الحجاج!"لا تضغط الفرامل!".. المرور يكشف الخطأ القاتل عند انفجار الإطار

الدكتورُ أحمد الثويمر، استشاري الأشعة التداخلية وقائد الفريق، أوضح أنّ الفحوصات بالتصوير المقطعي كشفت انسدادًا شبه كامل في الشريان المأبضي وفروعه مع وجود قوسٍ متكلِّس يعيق تدفُّق الدم، وأضاف أن تأخير العلاج كان سيؤدي إلى نخر الأنسجة وارتفاع مخاطر الإنتان، ومن ثمّ بتر الساق تحت الركبة.

أمام هذا السيناريو المتسارع، اختار الفريقُ تقنية Shockwave Balloon Angioplasty، وهي بالونٌ خاص يُرسل موجاتٍ تصادمية دقيقة لتفتيت التكلسات داخل الشرايين من الداخل، فتعود مرونتها الطبيعية من دون تمزيق جدرانها، واعتمد الأطباء التخدير الموضعي وإرشاد الأشعة الفلورية لتوجيه القسطرة بدقة إلى موقع الانسداد.

عند بدء تشغيل موجات الصدمة، سُجِّلت أصواتٌ خافتة تشبه الطَرق، بينما أظهرت الشاشات تفتت طبقات الكالسيوم القاسية كقشرةٍ تتهاوى، وخلال أقلَّ من أربعين دقيقة، اتسع المجرى الدموي تدريجيًا حتى استعاد تدفُّقه بنسبةٍ تجاوزت 90 %، وهو ما ظهر فورًا بتحسُّن حرارة القدم وتراجع الألم.

دقائقُ أخرى حاسمة شهدت تثبيتَ نتيجة التوسيع بدعامةٍ دوائية تمنع إعادة الانسداد، ثم بدأ الضخّ الوريدي لمضادات التجلط والمضادات الحيوية للتحكُّم في الالتهاب، خرج المريضُ من غرفة القسطرة إلى العناية الملاحِقة وهو يحتفظ بقدمه، مع خطة تأهيلٍ تتضمن جلسات عناية بالجروح وضبط مستويات السكّر.

يؤكد الدكتور الثويمر أن التقنية تُعدّ من أحدث ما توصلت إليه مراكز الأوعية الدموية عالميًّا، إذ تجمع بين أمان التوسيع بالبالون التقليدي وقدرة الليزر على تكسير الكلس، لكن دون أضرار حرارية أو ميكانيكية على بطانة الشريان، ما يُعزّز معدلات شفاء الجروح ويخفض الحاجة إلى عمليات جراحية كبرى.

تكتسب هذه الخطوةُ أهميةً مضاعفة في السعودية حيث تُظهر الإحصاءات الرسمية ارتفاع نسب داء السكّري إلى نحو 20 % من السكان البالغين، فيما يُعَدّ القدم السكرية السببَ الأول للبتر غير الرضحي، وتشير الدراسات إلى أن كلَّ بترٍ يُقصّر عمر المريض خمسَ سنواتٍ في المتوسط، ويرفع فاتورة العلاج بنسبةٍ تتجاوز 300 %.

مجمعُ الدمام الطبي، الذي يضم مركزًا متكاملاً لطبّ القدم السكرية، يتبنّى نهج الفريق المتعدد التخصصات؛ فإلى جانب الأشعة التداخلية، شارك أطباء جراحة الأوعية، والغدد الصماء، والعناية بالجروح، والتمريض المتخصّص، لضمان متابعة دقيقة حتى اكتمال التئام التقرحات وعودة المريض إلى حياته الطبيعية.

وفي تعليقٍ لإدارة التجمع، أكدت سعيها الدؤوب لتوفير حلولٍ مبتكرة تخفّض معدلات البتر في المنطقة الشرقية إلى النصف بحلول 2030، تماشيًا مع برامج جودة الحياة في رؤية السعودية، إضافةً إلى بناء سجلٍّ وطني لنتائج استخدام تقنية Shockwave، ودعم الأبحاث التي تُعزّز مخرجاتها السريرية.

لا تقلّ قصة المريض إنسانيةً عن جانبها التقني؛ فبعد أن أبلغ سابقًا باحتمال فقدان ساقه، عبّر عن امتنانه بقوله إن فريق المجمع «أعاد إليه القدرة على السير مع أحفاده من جديد»، وتُظهر الصور السريرية المستحدَثة تقلص مساحة الجرح بنسبة 40 % في الأسبوع الأول من إعادة التروية.

من جهته، أوضح قسمُ التدريب أن المجمع بدأ بالفعل في تنظيم ورش عمل للأطباء المقيمين والزوار، لنقل الخبرة في هذه التقنية إلى مستشفياتٍ أخرى في مناطق المملكة، مع توفير محاكياتٍ افتراضية تعزّز مهارات التدخّل الدقيق وتقليل فترة التعلّم السريري.

ويشير خبراء اقتصاديات الصحة إلى أن نجاح هذه العمليات ينعكس إيجابًا على ميزانية القطاع الصحي عبر خفض أيام التنويم، وتخفيف الأعباء الاجتماعية والنفسية المرتبطة بإعاقات الأطراف.

ختامًا، يجسد إنقاذ قدم المريض بفضل Shockwave Balloon Angioplasty قصة تَفوّق طبي محلي يواكب أبرز المراكز الدولية، ويؤكد أن الابتكار حين يلتقي بالعزيمة يحتفظ بالأطراف، ويحفظ كرامة الإنسان، ويفتح آفاقًا أوسع لمستقبل الرعاية الصحية في المملكة.

اقرأ ايضاً
الرئيسية | هيئة التحرير | اتصل بنا | سياسة الخصوصية