الأسواق تعود للملاذ الآمن.. أسعار الذهب تسجل أعلى مستوياتها مع تراجع الدولار

سجّلت أسعار الذهب ارتفاعًا ملحوظًا في الأسواق العالمية خلال جلسات اليوم، لتصل في المعاملات الفورية إلى مستوى 3376.48 دولارًا للأوقية، وسط موجة من الترقب في الأسواق المالية العالمية وتزايد الإقبال على الملاذات الآمنة من جانب المستثمرين.
هذا الصعود الجديد في أسعار الذهب يأتي بعد فترة من التذبذب خلال الأسابيع الماضية، حيث دفعت مجموعة من العوامل الاقتصادية والجيوسياسية المستثمرين إلى إعادة ترتيب محافظهم، واضعين الذهب مجددًا في صدارة الأصول المفضلة للتحوط.
إقرأ ايضاً:"التعليم" تعلن مفاجأة سارة لفئات خاصة..6 استثناءات جديدة تغير خريطة القبول الجامعي"ليست فقط للحجاج".. وزارة الحج تكشف عن قائمة "كنوز مكة" التي يجب على الجميع زيارتها
تزامن هذا الارتفاع مع استمرار الضغوط التضخمية في عدد من الاقتصادات الكبرى، وعلى رأسها الولايات المتحدة، ما عزز من حالة القلق بشأن مستقبل أسعار الفائدة والسياسات النقدية، ودفع المستثمرين إلى البحث عن أدوات تحفظ القيمة على المدى الطويل.
كما ساهم ضعف الدولار الأمريكي في دعم أسعار الذهب عالميًا، حيث أدى تراجع مؤشر الدولار أمام سلة العملات إلى تقوية الطلب على الذهب المقوّم بالدولار، ما يجعله أكثر جاذبية لحاملي العملات الأخرى، ويرفع الطلب تلقائيًا في الأسواق العالمية.
التقلبات في سوق السندات الأمريكية أيضًا لعبت دورًا مهمًا، خاصة مع تذبذب عوائد الخزانة طويلة الأجل، والتي عادة ما تتحرك بشكل عكسي مع أسعار الذهب، الأمر الذي أسهم في توجيه جزء من الاستثمارات من السندات إلى الذهب في الوقت الراهن.
وفي خلفية هذا المشهد، تبقى الأزمات الجيوسياسية عنصرًا محوريًا في دفع الذهب إلى الأعلى، حيث لا تزال التوترات في الشرق الأوسط، والحرب الجارية في أوكرانيا، والتجاذبات بين القوى الاقتصادية الكبرى تلقي بظلالها على توقعات السوق.
خبراء الأسواق يرون أن الوصول إلى مستوى 3376.48 دولارًا يعكس حالة من القلق المستمر، لكنهم في الوقت ذاته يؤكدون أن الذهب لا يزال يملك مجالًا أكبر للصعود، إذا استمرت الظروف الاقتصادية الحالية على حالها دون تدخلات مركزية حاسمة.
من جانبهم، يتابع صناع السياسات النقدية في البنوك المركزية حول العالم تحركات الذهب عن كثب، لأنه يعد مؤشرًا غير مباشر على اتجاهات الثقة في العملات المحلية والسياسات المالية، خصوصًا في ظل انكماش محتمل في النمو الاقتصادي العالمي.
وتشير بعض التقديرات إلى أن الارتفاع الأخير قد يكون أيضًا مرتبطًا بعمليات شراء كبيرة من قبل البنوك المركزية، والتي عادت في الشهور الماضية إلى تعزيز احتياطياتها من الذهب، كخطوة استراتيجية لمواجهة تقلبات الأسواق الدولية.
كما أن توقعات تباطؤ وتيرة رفع أسعار الفائدة من قبل الفيدرالي الأمريكي لعبت دورًا مهمًا، حيث يرى المستثمرون أن الاقتراب من ذروة الفائدة قد يفتح الباب أمام تخفيف السياسة النقدية، وهو ما يدعم الذهب بقوة في المرحلة المقبلة.
في السياق ذاته، ارتفعت أيضًا العقود الآجلة للذهب في بورصة كومكس الأمريكية، وهو ما يعكس ثقة الأسواق في استدامة الاتجاه الصعودي، مدعومة بزيادة في أحجام التداول وتدفقات كبيرة من الأموال إلى الصناديق المتداولة المدعومة بالذهب.
محللون فنيون أشاروا إلى أن اختراق الذهب لمستوى 3350 دولارًا سابقًا كان إشارة على تحرك صاعد قادم، وهو ما تحقق بالفعل بوصول السعر إلى 3376.48 دولارًا للأوقية، وقد يفتح ذلك المجال لاستهداف مستويات 3400 دولار في المدى القصير.
وفي ظل هذه المعطيات، يتوقع مراقبون استمرار التقلبات في السوق خلال الأيام المقبلة، حيث ستكون البيانات الاقتصادية المنتظرة، خصوصًا تقارير الوظائف الأمريكية ومعدلات التضخم، عوامل حاسمة في رسم المسار التالي للذهب.
وبين تحليلات فنية وأسس اقتصادية، يبقى الذهب هو العنوان الأبرز في عالم الاستثمار خلال هذه الفترة، حيث يتزايد الإقبال عليه كأداة للنجاة من التقلبات العنيفة في الأسواق الأخرى، وسط عالم بات يعيد حساباته الاقتصادية بشكل شبه يومي.