لماذا تأخرت "آبل" في سباق الذكاء الاصطناعي؟ خبراء يكشفون الأسباب

 آبل
كتب بواسطة: رولا كرم | نشر في  twitter

استقطب مؤتمر "آبل" العالمي للمطورين أنظار العالم التقني هذا العام، حيث كشفت الشركة الأمريكية العملاقة عن توجهها الجديد في مجال الذكاء الاصطناعي، في وقت تواجه فيه تحديات تقنية وتنظيمية غير مسبوقة تهدد نموذج أعمالها وأدواتها الأساسية، وعلى رأسها متجر التطبيقات وهواتف "آيفون"، وفي محاولة لتأكيد حضورها في السباق المحتدم مع عمالقة التكنولوجيا، وعلى رأسهم "جوجل" و"مايكروسوفت"، قدمت "آبل" إشارات واضحة بأنها عازمة على التقدّم بثبات في مجال الذكاء الاصطناعي، حتى وإن تأخرت نسبيًا في الإعلان عن بعض ميزاته مقارنة بمنافسيها.

في المؤتمر الذي يجمع آلاف المطورين حول العالم، بعثت "آبل" برسالة طمأنة إلى شركائها من مبرمجي التطبيقات، مفادها أن التأخيرات التنظيمية أو الجمركية المحتملة لن تعيق فرصهم في بناء مستقبل ذكي قائم على الابتكار، وتبرز في هذا السياق رغبة "آبل" في مواكبة الطفرة العالمية في الذكاء الاصطناعي، إذ أعلنت عن فتح نماذجها الداخلية للمطورين، وهي خطوة وُصفت بالمفاجأة الأبرز في المؤتمر، إذ تعني تمكين المطورين من أدوات ذكية قد تُحدث قفزة في كيفية تطوير التطبيقات والخدمات.
إقرأ ايضاً:تحرك مفاجئ في ميركاتو الأهلي: صفقة غير متوقعة تقترب من الحسمتحرك هادئ قد يقلب الموازين في النصر.. مفاوضات حاسمة تقترب من النهاية

لكن هذه الواجهة التفاؤلية لا تخفي خلفها صعوبات حقيقية تواجهها الشركة، فعلى المستوى التقني، لم تتمكن "آبل" من الوفاء بوعدها الذي أطلقته في المؤتمر ذاته العام الماضي، بإطلاق مجموعة متكاملة من ميزات الذكاء الاصطناعي، والتي تم تأجيلها إلى العام المقبل، في المقابل، كان منافسوها، مثل "جوجل" التابعة لألفابت و"مايكروسوفت"، قد سبقوها بخطوات في هذا المجال، مستعرضين قدرات مذهلة جذبت مطوري البرمجيات وأعادت رسم مستقبل صناعة التطبيقات الذكية.

أما التحديات التنظيمية، فتأخذ طابعًا أكثر حدة، خاصة مع تصاعد الضغوط القضائية في كل من الولايات المتحدة وأوروبا، حيث تتصاعد الدعوات لتفكيك ما يُعرف بـ"جدران متجر التطبيقات"، وهو النظام الذي تحتكر فيه "آبل" توزيع التطبيقات وفرض رسومها على المطورين، هذا الوضع دفع حتى بعض مؤيدي الشركة سابقًا إلى التشكيك في عدالة هذه الرسوم، مما ينبئ بتحول جوهري في نموذج عمل "آبل" خلال السنوات القليلة المقبلة.

وتأتي هذه التحديات في وقت حساس جدًا، خصوصًا بعد تهديدات الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب، بفرض رسوم جمركية تصل إلى 25% على هواتف "آيفون" الأكثر مبيعًا، وهو تهديد ألقى بظلاله على أسهم الشركة التي تراجعت بأكثر من 40% منذ بداية العام، في تراجع أكبر من منافستها "جوجل"، وأقل بكثير من المكاسب التي حققتها "مايكروسوفت" بفضل استثماراتها القوية في الذكاء الاصطناعي.

رغم ذلك، لم تأتِ منصة "آبل" في المؤتمر خالية الوفاض، فقد عرضت بعض الأدوات الذكية التي وعدت بها في السابق، بما في ذلك تقنيات توليد الصور، وأدوات الكتابة المعززة بالذكاء الاصطناعي، إلا أن كثيرًا من هذه القدرات لا تزال تعتمد على شراكات خارجية، أبرزها التعاون مع "أوبن إيه آي"، مطورة تطبيق "شات جي بي تي"، ما يشير إلى أن الشركة لم تطور بعد نماذج ذكاء اصطناعي مستقلة وقوية خاصة بها.

ومن بين التحديات التي قد تُحدد مستقبل "آبل" في هذا الميدان، مسألة قدرتها على إنتاج نموذج "متعدد الوسائط"، أي ذلك النموذج الذي يستطيع معالجة الصور والصوت والنصوص بشكل متزامن، وهو بالضبط ما قد تحتاجه الشركة إذا قررت دخول سوق النظارات الذكية، والتي تُعد واحدة من قصص النجاح اللافتة لشركة "ميتا" مؤخرًا.

ويؤكد بعض المحللين أن آبل ما تزال غير جاهزة تمامًا لمثل هذه النقلة النوعية، ويقول بن باجارين، الرئيس التنفيذي لشركة "كرييتف ستراتيجيز"، إن النظارات الذكية يجب أن تكون جهازًا مكمّلًا للهاتف، توفر للمستخدم سياقًا عالميًا من خلال الكاميرا والصوت والقدرة على فهم اللغة الطبيعية، وهي خصائص لم تصل "آبل" إلى نقطة الإتقان الكامل فيها بعد، مضيفًا: "آبل ليست في وضع يسمح لها بذلك الآن".

ومع ذلك، فإن فتح نماذج الذكاء الاصطناعي للمطورين قد يمثل نقطة انطلاق جديدة، ربما تسهم في تسريع اللحاق بركب المنافسة، وتؤكد للمطورين أن بيئة آبل لا تزال ملائمة للنمو والتجريب والابتكار، وهو الرهان الذي يبدو أن الشركة قررت خوضه، ولو متأخرة بعض الشيء.

اقرأ ايضاً
الرئيسية | هيئة التحرير | اتصل بنا | سياسة الخصوصية