ليست مجرد صدفة.. كيف يستخدم "الذكاء الاصطناعي" لكشف المهربين قبل وصولهم؟

كيف يستخدم الذكاء الاصطناعي لكشف المهربين
كتب بواسطة: محمد سالم | نشر في  twitter

في سباق مستمر مع المهربين، كشفت هيئة الزكاة والضريبة والجمارك عن نتائج أسبوع حافل بالضبطيات على امتداد منافذ المملكة، مؤكدة نجاحها في إحباط محاولات تهريب متنوّعة تُهدد أمن المجتمع واقتصاده، جهود دقيقة أسفرت عن تسجيل 1587 عملية ضبط خلال أسبوع واحد، لتؤكد "زاتكا" حضورها الأمني والرقابي المتقدّم.

الهيئة أوضحت أن هذه العمليات لم تكن مجرد أرقام، بل قصصًا متكاملة من محاولات اختراق القوانين وتهريب الممنوعات، واجهتها منظومة جمركية عالية التأهيل والتقنية، فالمهربون حاولوا تمرير شحنات من المخدرات والأسلحة والأموال، لكن العيون الساهرة في المنافذ أحبطت هذه المحاولات ببراعة ويقظة.


إقرأ ايضاً:هل منشأتك ضمن "المجموعة 23"؟.. "الزكاة والضريبة" تحدد الفئة الجديدة الملزمة بهذا الإجراءالمرور السعودي يطلق "نداءً عاجلاً".. تجاهل هذه الخطوة البسيطة قد يحول سفرك إلى مأساة

أكثر من 900 عملية تمحورت حول تهريب مواد محظورة، تنوعت ما بين عقاقير مخدرة وممنوعات أخرى تُستخدم غالبًا في عمليات تجارية غير مشروعة، هذه الأرقام تترجم حجم التحديات اليومية التي تواجهها الهيئة، وحجم المسؤولية التي تنهض بها لحماية البلاد من الخطر.

وفي 118 عملية ضبط، كانت المخدرات هي الهدف الرئيسي، وكأن المهربين لم يتوقفوا عن تجربة أساليب جديدة لاختراق الحدود، لكن التكنولوجيا المربوطة بأنظمة ذكية والكوادر المتخصصة أجهضت تلك المحاولات في مهدها.

لم تقتصر الضبطيات على المخدرات فحسب، بل شملت أيضًا تهريب الأموال بطرق خفية، حيث أحبطت "زاتكا" 74 محاولة لتمرير أموال منقولة بطرق مخالفة، في محاولات تُشير إلى شبكات منظمة تسعى لغسل الأموال أو تمويل أنشطة مشبوهة.

كما تم ضبط ست حالات تهريب تتعلق بأسلحة وذخائر ومستلزمات مرتبطة بها، في وقائع تحمل في طياتها إنذارًا بضرورة رفع مستوى التنسيق الأمني المستمر، لا سيما وأن هذا النوع من التهريب يُمثل تهديدًا مباشرًا لأمن الدولة والمجتمع.

الرقم الأبرز في الحصيلة، وربما الأخطر، كان في 2510 من الضبطيات التي شملت مستندات وسلعًا مخالفة، ما يشير إلى تنوع النشاط التخريبي ومحاولة استغلال الثغرات من قبل بعض ضعاف النفوس لتحقيق أرباح غير مشروعة.

ورغم أن الأرقام وحدها تثير الإعجاب، إلا أن التفاصيل تكشف عن كفاءة متقدمة للهيئة في التحليل والتنبؤ وقراءة النوايا قبل وقوع الفعل التخريبي، مما يعكس تطورًا كبيرًا في البنية الرقابية وقدرات التدريب والتأهيل.

العمليات لم تكن عشوائية أو ناتجة عن الحظ، بل كانت ثمرة لاستراتيجية جمركية محكمة، قائمة على التنبؤ الذكي والفرز الإلكتروني والتحقيق الفوري، وهو ما حول منافذ المملكة إلى حصون يصعب اختراقها.

وتسعى "ذاتها" إلى دمج التقنيات الحديثة مثل الذكاء الاصطناعي وتحليل البيانات في عملياتها اليومية، من أجل التعرّف السريع على الأنماط المشبوهة وتوجيه جهود التفتيش بدقة، بما يحفظ الوقت ويضمن النتائج.

المجتمع له دور أيضًا في هذه المنظومة، إذ تحث الهيئة المواطنين والمقيمين على التعاون معها والإبلاغ عن أي نشاطات مشبوهة عبر قنواتها الرسمية، ما يشكل جدار حماية داخلي يسبق حتى وصول الشحنة إلى المنفذ.

وتؤكد الهيئة أن حماية الاقتصاد الوطني جزء لا يتجزأ من الأمن العام، في السلع المغشوشة أو المحظورة لا تهدد الصحة فحسب، بل تضعف المنافسة وتُفقد السوق توازنه، لذلك فإن أي عملية ضبط تُعد إنقاذًا متعدد الأبعاد.

التنسيق مع الجهات الأمنية الأخرى كان أيضًا عاملًا رئيسًا في إنجاح هذه الحملة، حيث تعمل "ذاتيا" ضمن منظومة وطنية موحّدة تتكامل فيها الأدوار لتحقيق الهدف الأسمى: أمن الوطن وسلامة المجتمع .

وبينما تستمر محاولات المهربين في التغيير والتطوير، تستعد الهيئة لخطوات أكثر تطورًا، من خلال تحديث البنية التحتية وتعزيز التدريب الميداني، كي تظل قادرة على المواجهة في جميع الأوقات والظروف.

إن الأرقام التي كشفت عنها "ذاتها" هذا الأسبوع لا تعبّر فقط عن إنجاز أمني، بل تعكس وعيًا مؤسساتيًا بأهمية الاستباق في مواجهة الجريمة، وتحولًا في عقلية العمل الجمركي من مجرد تفتيش إلى إدارة ذكية للأمن والاقتصاد.

اقرأ ايضاً
الرئيسية | هيئة التحرير | اتصل بنا | سياسة الخصوصية