ليست للبشر.. السعودية تبني مدينة صناعية كاملة لهذا الكائن الذي يمثل هويتها!

السعودية تبني مدينة صناعية كاملة
كتب بواسطة: سعد محمد | نشر في  twitter

في مشهد غير تقليدي يعكس توجهات التنمية المتسارعة في المملكة، تم الإعلان عن احتضان محافظة الأفلاج لأول مدينة صناعية من نوعها مخصصة للإبل، وذلك على مساحة شاسعة تتجاوز 15 مليون متر مربع، في خطوة تعيد رسم ملامح الاستثمار في أحد أقدم الموروثات الثقافية وأكثرها ارتباطاً بالهوية السعودية.

المدينة الجديدة ليست مجرد مشروع اقتصادي، بل تمثل تحولاً في النظرة إلى الإبل، التي انتقلت من كونها رمزًا للتراث إلى عنصر محوري في رؤية تنموية تستهدف تحويل الموروث إلى صناعة متكاملة تسهم في الاقتصاد المحلي وتفتح آفاقًا واسعة لفرص العمل والاستثمار.


إقرأ ايضاً:قبل أن تحزم حقائبك.. "تجمع القصيم الصحي" يحذر من "أخطار خفية" قد تفسد رحلتكنجاح أول عملية ارتجاع هيدروستاتيكي لطفل بتبوك دون تدخل جراحي

المشروع الضخم يأتي في وقت تتسارع فيه الخطط الوطنية لدعم قطاع الإبل، ويبدو أنه يشكل امتدادًا لرؤية استراتيجية تهدف إلى تحويل المملكة إلى مركز عالمي في صناعة الإبل، من خلال استثمار المقومات الطبيعية والموروث الشعبي وتطوير البنية التحتية.

مساحة المشروع التي تبلغ 15 مليون متر مربع تمنحه قدرة استيعابية هائلة تؤهله لاحتضان مجموعة من الصناعات والأنشطة المرتبطة مباشرة بالإبل، مثل مزارع التربية والتكاثر، ومصانع الألبان ومشتقاتها، إضافة إلى ورش تصنيع معدات الإبل ومستلزماتها.

وتؤكد الجهات الرسمية أن المدينة الصناعية ستضم كذلك مرافق لوجستية متطورة تشمل أسواقًا حديثة، ومراكز طبية بيطرية متخصصة، ومختبرات لتحسين السلالات، ما يجعلها بيئة متكاملة تجمع بين البعد الاقتصادي والتقني.

المشروع من المتوقع أن يعزز القيمة السوقية للإبل بشكل كبير، من خلال تنظيم عمليات البيع والشراء، وتوفير بيئة تجارية منظمة تعكس مستوى الثقة المتزايد في القطاع، كما يحد من الممارسات العشوائية التي كانت تعوق نمو السوق في السابق.

ويُنتظر أن يسهم هذا التحول في جذب المستثمرين من داخل المملكة وخارجها، ممن بدأوا يدركون أن قطاع الإبل لم يعد نشاطاً تقليدياً أو محدوداً، بل أصبح ساحة رحبة للاستثمار الزراعي والتجاري والتقني، بدعم من الدولة وتشجيع من القيادة.

واختيار الأفلاج تحديدًا لهذا المشروع الاستثنائي لم يأتِ من فراغ، إذ تتمتع المحافظة بموقع جغرافي استراتيجي يربط بين عدد من المناطق الحيوية، فضلاً عن وفرة الموارد الطبيعية وامتداد الثقافة المرتبطة بتربية الإبل في هذه المنطقة منذ قرون.

المدينة الجديدة ستفتح الباب أيضًا أمام أنشطة تدريبية وتعليمية متخصصة، من خلال إنشاء مراكز تدريب ومعاهد تهدف إلى تأهيل كوادر وطنية في مجال رعاية الإبل وإدارتها وتصنيع منتجاتها، بما يحقق الاستدامة المهنية والاقتصادية في آن واحد.

وقد أشارت مصادر مطلعة إلى أن مراحل تنفيذ المشروع ستتم وفق خطة مرحلية تضمن تطوير البنية التحتية تدريجياً، مع مراعاة أعلى معايير الجودة والاستدامة البيئية، ما يعكس التوجه الوطني المتصاعد نحو التنمية المتوازنة.

ويتوقع مراقبون أن يسهم المشروع في رفع معدل التوظيف في المحافظة والمناطق المجاورة، سواء من خلال الوظائف المباشرة داخل المدينة الصناعية، أو عبر الفرص غير المباشرة التي ستنشأ بفعل ازدهار القطاع وتوسع سلاسل الإمداد.

وتأتي هذه الخطوة في وقت تشهد فيه الفعاليات الخاصة بالإبل رواجاً واسعاً في المملكة، مثل مهرجان الملك عبدالعزيز للإبل، مما يعزز من أهمية تأسيس كيانات دائمة تدعم هذا الزخم وتحوله إلى بنى تحتية طويلة الأمد تخدم الأجيال القادمة.

ويُنتظر أن تتحول مدينة الإبل الصناعية في الأفلاج إلى مرجع وطني وإقليمي في هذا القطاع، بما يسهم في وضع السعودية على خارطة الدول الرائدة في صناعة الإبل، ويدعم جهود تنويع مصادر الدخل الوطني غير النفطية.

المشروع في جوهره يعكس مزيجًا فريدًا بين التراث والابتكار، ويؤكد أن الاستثمار في الماضي يمكن أن يقود إلى مستقبل مزدهر، حينما يُدار برؤية علمية وتنموية واضحة، وبدعم لا محدود من القيادة التي تراهن على كل ما يحمل هوية سعودية أصيلة.

اقرأ ايضاً
الرئيسية | هيئة التحرير | اتصل بنا | سياسة الخصوصية