تجارب سعودية في "انعدام الجاذبية".. المملكة ترسل آمال باحثيها إلى الفضاء في مهمة تاريخية

المملكة ترسل آمال باحثيها إلى الفضاء في مهمة تاريخية
كتب بواسطة: تميم الدرة | نشر في  twitter

انطلقت بنجاح مهمة "Ax-4" التي تحمل في طيّاتها تجارب علمية سعودية مبتكرة إلى محطة الفضاء الدولية، في خطوة تعكس تسارع المملكة نحو الريادة في قطاع الفضاء، وتمثل هذه المهمة نافذة علمية متقدمة من خلال منصة "الفضاء مداك" التي تنقل معها آمال الباحثين السعوديين إلى الفضاء الخارجي.

المهمة التي يقودها فريق دولي ضمن مشروع تابع لشركة "أكسيوم سبيس" تأتي ضمن التعاون المستمر بين الهيئة السعودية للفضاء ووكالات الفضاء العالمية، لتفتح آفاقاً جديدة للبحث والتطوير في بيئة منعدمة الجاذبية، وقد لفتت الأنظار منذ لحظة إعلانها بسبب الحمولة العلمية المتقدمة التي تحملها.


إقرأ ايضاً:هل "يُسرق" الهلال؟.. توقف المفاوضات مع نجم روما يفتح الباب أمام "منافس سعودي" لخطف الصفقة"التجارة": مواقع وهمية تنتحل هويتنا وتحذر المستخدمين من الوقوع ضحية

تجارب "الفضاء مداك" تمثل ثمرة جهد مشترك بين باحثين سعوديين ومؤسسات بحثية محلية، تم اختيارها بعناية لتعكس أولويات التنمية السعودية في مجالات الطب الحيوي والتقنيات الحيوية والاستدامة البيئية، وقد صُممت هذه التجارب لتُنفذ في بيئة الفضاء القاسية وتُقارن بنتائجها على الأرض.

في المختبر المداري الضخم لمحطة الفضاء الدولية، سيتم تنفيذ هذه التجارب على أيدي رواد الفضاء باستخدام تقنيات متقدمة تسمح برصد التغيرات الدقيقة التي لا يمكن ملاحظتها على الأرض، مما يمنح الباحثين بيانات فريدة من نوعها، ويُتوقع أن تسهم هذه البيانات في تحسين نوعية الحياة على الأرض أيضًا.

اللافت أن هذه المهمة تمثل المشاركة السعودية الثالثة في برامج بحثية علمية تُرسل إلى الفضاء، ما يعكس اتساع دائرة الاهتمام بمجالات البحث الفضائي في المملكة، وتحولها من مجرد متابع للمشهد العالمي إلى مساهم فعلي في صناعة قراراته.

تحظى هذه الخطوة باهتمام لافت من الشباب السعودي، الذين يرون في مهمة "Ax-4" مصدر إلهام للأجيال الجديدة المهتمة بالتكنولوجيا والابتكار، خاصة أن التجارب تركز على مجالات تمس الواقع اليومي، مثل مقاومة البكتيريا في بيئة الفضاء، ودراسة سلوك الخلايا الجذعية .

وفي الوقت الذي يتابع فيه المهتمون تفاصيل الرحلة، تستعد فرق من العلماء والمهندسين في المملكة لاستقبال البيانات والمخرجات، وتحليلها فور إرسالها من محطة الفضاء، تمهيدًا لتوظيفها في أبحاث تطبيقية على مستوى الجامعات ومراكز البحوث المحلية،د.

الاهتمام بهذه المهمة يتجاوز حدود المعامل والجامعات، إذ تم تنظيم فعاليات توعوية داخل المدارس لتعريف الطلاب بأهمية التجارب الفضائية وأثرها على مستقبل العلوم، مما يُعزز الثقافة العلمية في المراحل التعليمية المبكرة.

وقد تم اختيار التجارب التي أُرسلت إلى الفضاء بناءً على معايير دقيقة، تضمن أن تكون قابلة للتنفيذ في بيئة الجاذبية الصغرى، مع وجود جدوى علمية عالية وقابلة للنشر في مجلات بحثية مرموقة، ما يعزز مكانة المملكة في خارطة البحث العلمي عالميًا.

ومن المنتظر أن تعود نتائج التجارب بعد إتمام المهام المخطط لها خلال فترة وجودها في المحطة، ليتم مقارنتها بالتجارب المناظرة التي تُجرى على الأرض ضمن مختبرات محلية متطورة، في خطوة تعكس نضوج البنية التحتية البحثية في المملكة.

تأتي هذه المشاركة ضمن رؤية شاملة تتبناها السعودية لتعزيز حضورها في الاقتصاد المعرفي، والاستثمار في المجالات ذات الأثر الاستراتيجي، وعلى رأسها علوم الفضاء والذكاء الاصطناعي والطاقة المتجددة، ضمن مستهدفات رؤية 2030.

ويبدو أن المملكة تمضي بثقة نحو بناء منظومة بحثية متكاملة، لا تكتفي بإرسال التجارب إلى الفضاء، بل تسعى لترسيخ ثقافة الابتكار من خلال التمكين المؤسسي، وتوفير الدعم اللوجستي والتقني للباحثين من مختلف الفئات العمرية.

المهمة "Ax-4" ليست مجرد حدث علمي عابر، بل هي رسالة واضحة إلى العالم بأن المملكة تمتلك الإرادة والعقول والبنية العلمية التي تؤهلها للمنافسة عالميًا، سواء في الأرض أو في الفضاء، إنها لحظة فاصلة تعكس التحول من الاستهلاك إلى صناعة المعرفة.

وفيما تواصل المركبة مسارها نحو المدار المحدد، تتجه الأنظار إلى ما ستكشفه هذه التجارب من أسرار علمية، وما ستحمله من أثر على مستقبل البحث العلمي السعودي، الذي لم يعد يكتفي بالمحاكاة، بل يصنع التجربة بنفسه.

اقرأ ايضاً
الرئيسية | هيئة التحرير | اتصل بنا | سياسة الخصوصية