خبير يحذر: 9 عادات شائعة تُسرّع شيخوخة الأمعاء دون أن تشعر

تشير أبحاث متزايدة إلى أن صحة الجهاز الهضمي لا تقتصر فقط على تحسين الهضم وامتصاص المغذيات، بل تمتد لتلعب دورًا حاسمًا في تعزيز طول العمر والوقاية من الشيخوخة المبكرة، لا سيما تلك المرتبطة بالأمعاء.
ويُعزى ذلك إلى أهمية ميكروبيوم الأمعاء، وهو مجتمع من البكتيريا النافعة التي تسكن الجهاز الهضمي وتؤثر على كل شيء من المناعة إلى الحالة المزاجية.
إقرأ ايضاً:مرابط الخيول بالرياض.. وجهة صيفية ترفيهية تجمع الرياضة بالطبيعةشؤون الحرمين توفر خدمات استثنائية لكبار السن وذوي الإعاقة داخل المسجد النبوي
يعتمد الميكروبيوم الصحي على التنوع والتوازن بين أنواع البكتيريا، حيث يشكل هذا التنوع مؤشرًا رئيسيًا على كفاءة الجهاز الهضمي ومناعته ضد الأمراض المزمنة والالتهابات.
وعندما يفقد هذا التوازن، تبدأ الأمعاء في إظهار علامات الشيخوخة، التي تتسارع مع الوقت وتؤثر على وظائف الجسم ككل.
لكن المفاجأة أن هناك عادات يومية شائعة، قد تبدو بسيطة في ظاهرها، لكنها تلعب دورًا كبيرًا في تقويض صحة الأمعاء، وتسريع شيخوختها بشكل غير ملحوظ في البداية.
وتؤكد تقارير علمية نُشرت عبر موقع "إيتنغ ويل" أن كثيرًا من هذه العادات يمكن تلافيها بسهولة، بشرط الوعي بها أولاً.
أحد أبرز تلك العادات هو الاعتياد على تناول نفس الأطعمة بشكل متكرر. فعلى الرغم من أن البعض يظن أن ذلك مفيد للهضم، إلا أن الحقيقة أن تكرار نفس الخيارات الغذائية يُفقر تنوع الميكروبيوم ويحد من نمو أنواع متعددة من البكتيريا المفيدة التي تحتاج إلى عناصر غذائية مختلفة للنمو.
كما أن عدم الانتظام في تناول الوجبات يضر بآلية التنظيف الطبيعية للأمعاء. فالجسم يحتاج إلى فترات راحة بين الوجبات لتفعيل ما يُعرف بـ"المركب الحركي المهاجر"، وهو عملية طبيعية تنظف الأمعاء وتستغرق نحو أربع إلى خمس ساعات. تناول الطعام أو المشروبات المحلاة باستمرار يعطل هذه الدورة.
التوتر المزمن كذلك يُعتبر من العوامل الخطيرة التي تُسرّع من تدهور صحة الأمعاء. فالإجهاد لا يؤثر فقط على الجهاز العصبي، بل يُحفز أيضًا استجابات التهابية في الأمعاء، ويُضعف حاجزها الواقي، ويُحدث اضطرابًا في توازن البكتيريا، مما يزيد من هشاشة الجهاز الهضمي.
كذلك تلعب الألياف دورًا محوريًا في الحفاظ على بطانة الأمعاء. فعدم تناول كميات كافية من الألياف يؤدي إلى تراجع نشاط البكتيريا المفيدة، ويُضعف الجدار المخاطي الذي يحمي الأمعاء من الالتهاب، وهو ما يفتح المجال لتدهور صحي تدريجي لا يشعر به المرء إلا بعد فوات الأوان.
من الأخطاء التي يقع فيها كثيرون هو تجاهل الأعراض المعوية المتكررة مثل الانتفاخ، أو الإسهال، أو الإمساك، باعتبارها أمورًا عابرة.
لكن بمرور الوقت، يمكن أن تتفاقم هذه الحالات إلى مشكلات خطيرة مثل متلازمة تسرب الأمعاء أو خلل توازن البكتيريا، ما يُسهم مباشرة في شيخوخة الجهاز الهضمي.
أما التغاضي عن تناول الأطعمة المخمرة مثل الزبادي والمخللات الطبيعية، فهو يحرم الأمعاء من مصدر طبيعي للبروبيوتيك، وهي البكتيريا النافعة التي تعزز حاجز الأمعاء، وتقلل من فرص الإصابة بالالتهاب، وتُعيد التوازن الميكروبيومي عند اختلاله.
ولا يمكن إغفال الأثر العميق لاستخدام الأدوية بشكل مفرط، وعلى رأسها المضادات الحيوية. فعلى الرغم من فائدتها في مكافحة العدوى، إلا أن كثرة استخدامها تؤدي إلى تدمير البكتيريا المفيدة أيضًا، وتُخل بتوازن الميكروبيوم، ما يجعل الأمعاء أكثر عرضة للتهيج والالتهاب.
حتى المسكنات ومضادات الحموضة، التي تُستخدم بكثرة، قد تكون لها تأثيرات جانبية غير مرئية على الأمعاء. فالاستخدام طويل الأمد لتلك العقاقير يضعف بطانة الأمعاء، ويغير درجة الحموضة الطبيعية للمعدة، ما يؤثر بشكل مباشر على الهضم والتوازن البكتيري.
وفي سياق متصل، يُعد غياب النشاط البدني من أبرز العوامل التي تُسرّع من تدهور وظائف الأمعاء. فالرياضة لا تقتصر على حرق السعرات أو تنشيط القلب، بل تُساهم أيضًا في تعزيز حركة الأمعاء، وتحسين توزيع الدم، وزيادة كفاءة الميكروبيوم.
ولا يقل النوم أهمية عن الرياضة أو الغذاء، حيث يرتبط محور الأمعاء-الدماغ بجودة النوم ارتباطًا وثيقًا. فالنوم الجيد يدعم التنوع البكتيري في الأمعاء، بينما قلة النوم تُضعف المناعة المعوية، وتُسرّع من اختلال التوازن الداخلي للجهاز الهضمي.
إنّ هذه العادات اليومية مجتمعة، وإن بدت في ظاهرها غير مؤذية، يمكن أن تتراكم لتُسبب أضرارًا جسيمة مع مرور الوقت. الأمر الذي يُحتّم على الأفراد مراجعة نمط حياتهم وتعديل عاداتهم الغذائية واليومية، لحماية أمعائهم من الشيخوخة المبكرة.
وفي ظل هذا الواقع، فإن تعزيز صحة الميكروبيوم لا يتطلب تدخلات طبية معقدة، بل يبدأ بخطوات بسيطة ومنهجية، مثل تنويع الغذاء، والالتزام بجدول منتظم للوجبات، والتقليل من الضغوط النفسية، وممارسة التمارين، وتحسين جودة النوم، وهي أسس كافية لبناء جهاز هضمي مقاوم للزمن.