"ظاهرة مقلقة".. تكرار حرائق المباني قيد الإنشاء يفتح ملف "معايير السلامة" من جديد

في تكرار يثير القلق، اندلع صباح اليوم الاثنين حريق ضخم في مبنى قيد الإنشاء بحي الهدا بمحافظة الخبر، لتسارع فرق الدفاع المدني إلى الموقع وتباشر أعمال الإخماد والسيطرة على النيران، وسط تفاعل كبير من السكان والمارة الذين تابعوا المشهد عن كثب.
الحريق الجديد يأتي بعد أيام فقط من حادثة مماثلة وقعت في محافظة البيضاء، ما فتح باب التساؤلات مجددًا حول معايير السلامة المطبقة في مواقع الإنشاءات، خاصة مع تكرار الحوادث خلال فترة زمنية قصيرة ووسط ظروف مناخية ملائمة لاشتعال الحرائق.
إقرأ ايضاً:لخريجي المسار العلمي فقط.. هل تنطبق عليك شروط القبول في هذا البرنامج "النوعي"؟"بيان عاجل" من وزارة التعليم.. تغيير جذري في آلية القبول الجامعي للعام المقبل
الدفاع المدني أكد أن فرقه الميدانية استجابت فور تلقي البلاغ، حيث تم الدفع بوحدات التدخل السريع والمعدات اللازمة إلى موقع الحادث، مع فرض طوق أمني في محيط المبنى لمنع اقتراب المركبات والمارة حفاظًا على سلامتهم.
وأشار البيان الرسمي إلى أن الحادث لم يسفر عن تسجيل أي إصابات حتى لحظة إعداد هذا التقرير، مؤكدًا في الوقت ذاته أن الوضع تحت السيطرة الكاملة بعد جهود مكثفة لاحتواء ألسنة اللهب ومنع انتشارها إلى البنايات المجاورة.
المصادر أوضحت أن النيران اشتعلت بشكل مفاجئ في الطابق العلوي من المبنى غير المكتمل، حيث ساهمت بعض المواد المستخدمة في التشييد في تسريع عملية الاحتراق، مما أدى إلى تصاعد أعمدة كثيفة من الدخان شوهدت من مسافات بعيدة.
الفرق المتخصصة نجحت في عزل مصادر الاشتعال خلال وقت قياسي، مستفيدة من جاهزية المعدات والخطط الوقائية المعدة مسبقًا لمثل هذه السيناريوهات، فيما تم التنسيق مع الجهات الأمنية والمرورية لضمان انسيابية الحركة في المنطقة المحيطة.
وبينما لم تصدر بعد نتائج التحقيق الفني، رجحت بعض التقديرات الأولية أن تكون أعمال اللحام أو التمديدات الكهربائية المؤقتة أحد العوامل المحتملة لنشوب الحريق، وهو ما سيتم التأكد منه بعد انتهاء الفحوصات التفصيلية من قبل الجهات المختصة.
الواقعة أثارت موجة من الجدل على منصات التواصل الاجتماعي، حيث عبّر العديد من المستخدمين عن مخاوفهم من تكرار مثل هذه الحوادث في مشاريع لا تزال تحت التنفيذ، متسائلين عن مدى الالتزام بتطبيق اشتراطات السلامة المعتمدة في مواقع البناء.
ويتزامن الحريق مع موسم ارتفاع درجات الحرارة، ما يزيد من خطورة المواد القابلة للاشتعال، ويضع الجهات المشرفة أمام تحديات إضافية تستوجب رقابة مشددة على آليات التخزين والتركيب والتوصيلات المؤقتة في المباني الإنشائية.
وتُعد هذه الحادثة الثانية من نوعها خلال أسبوع واحد فقط، حيث سبق لفرق الدفاع المدني أن سيطرت على حريق مماثل اندلع في مبنى قيد الإنشاء بحي الضاحية بمحافظة البيضاء، دون أن يسفر عن أي خسائر بشرية أيضًا، مع تشابه في طبيعة المواد المشتعلة.
هذا التكرار يعيد إلى الواجهة أهمية تعزيز ثقافة السلامة المهنية داخل مواقع الإنشاء، سواء من خلال تدريب العاملين على كيفية التعامل مع حالات الطوارئ، أو من خلال فرض رقابة صارمة على الإجراءات الوقائية اليومية داخل الورش والمباني النامية.
ويتوقع أن تبدأ الجهات المعنية خلال الساعات القادمة بفتح تحقيق رسمي للوقوف على أسباب الحريق، وتحديد أوجه القصور - إن وُجدت - ومحاسبة أي جهة يثبت تورطها في الإخلال بإجراءات الأمن والسلامة المتبعة.
من جهتها، أكدت إدارة الدفاع المدني في الخبر أن مثل هذه الحوادث لن تمر دون تحليل دقيق، مشيرة إلى أنها ستكثف من جولاتها التفتيشية على المشاريع قيد الإنشاء، وستفرض غرامات صارمة على أي مخالفة يتم رصدها لاحقًا.
وشددت الإدارة على أن الوقاية تبدأ من الالتزام، داعية شركات المقاولات والمطورين العقاريين إلى مراجعة بروتوكولات السلامة في مواقعهم، خاصة خلال فترة الصيف التي ترتفع فيها معدلات المخاطر المرتبطة بالحرارة والتوصيلات المؤقتة.
وتؤكد هذه الحوادث المتكررة أن السلامة ليست مجرد إجراء شكلي، بل مسؤولية جماعية تتطلب وعيًا كاملًا من جميع الأطراف المعنية بقطاع الإنشاء، بداية من المشرفين الميدانيين وصولًا إلى العاملين في أصغر المواقع.
ويتطلع الأهالي إلى أن تسفر التحقيقات المرتقبة عن قرارات حاسمة تضمن عدم تكرار مثل هذه الحوادث، مع ضرورة نشر تقارير دورية عن مستوى الالتزام بمعايير السلامة في مشاريع التشييد، خاصة في الأحياء السكنية المكتظة.
وفي ظل هذا التصاعد في وتيرة حرائق المباني قيد الإنشاء، تبدو الحاجة ملحة لتبني سياسات صارمة أكثر فاعلية، تفرض على الجهات المنفذة اعتماد أنظمة مراقبة ذكية، وتقديم تقارير سلامة محدثة بصفة دورية إلى الجهات الرقابية.