20 مليون برميل نفط تحت التهديد.. هل يغلق أحدهم بوابة مضيق هرمز؟

يُعد مضيق هرمز أحد أبرز النقاط المحورية في خريطة الاقتصاد العالمي، ليس فقط لموقعه الجغرافي الفريد، بل لأهميته البالغة في منظومة نقل الطاقة، وقد وصفه الدكتور عبدالله المسند، أستاذ المناخ بجامعة القصيم سابقًا، بأنه "العنق الزجاجي الذي تُحتجز فيه أنفاس الاقتصاد العالمي"، في إشارة دقيقة إلى تأثيره العميق في استقرار الأسواق الدولية.
المسند أوضح أن المضيق يُعد من أهم وأخطر الممرات البحرية في العالم، نتيجة لعوامل متعددة تتشابك فيها الجغرافيا بالاقتصاد والسياسة، بدءًا من موقعه الحيوي، وصولاً إلى الأزمات الجيوسياسية المتكررة التي تدور في محيطه، والحضور العسكري الدولي المكثف الذي يعكس حجم أهميته الاستراتيجية.
إقرأ ايضاً:موعد المواجهة الحاسمة للهلال ضد باتشوكا في مونديال الأنديةوصلت الطوارئ بألم شديد وتورم.. ما هو الخطر النادر الذي داهم طفلة بعمر 9 سنوات في جازان؟
ويمتد المضيق بين رأس مسندم التابع لسلطنة عمان ومحافظة بندر عباس الإيرانية، ليشكّل الحد الطبيعي الفاصل بين شبه الجزيرة العربية وإيران، ويُعد المنفذ البحري الوحيد لعدة دول خليجية مهمة، مثل العراق والكويت وقطر والبحرين، ما يزيد من تعقيد المشهد عند الحديث عن أي تهديد محتمل لإغلاقه.
كما أن المضيق يربط الخليج العربي ببحر عُمان، الذي يتصل بدوره ببحر العرب فالمحيط الهندي، ما يجعله معبرًا رئيسيًا لإمدادات الطاقة من المنطقة إلى الأسواق العالمية، ويؤكد على دوره بوصفه نقطة العبور الأهم في التجارة البحرية الدولية للطاقة.
وأشار المسند إلى أن نحو 20 مليون برميل من النفط تمر يوميًا عبر هذا الممر الضيق، بالإضافة إلى كميات ضخمة من الغاز الطبيعي المسال، ما يُمثل قرابة 20٪ من إجمالي الإمدادات النفطية العالمية، وهي نسبة هائلة تجعل أي اضطراب في المضيق كفيلاً بإحداث ارتباك في أسواق النفط الدولية.
وتتجلى أهمية المضيق أيضًا في خصائصه الجغرافية؛ حيث يبلغ عرضه قرابة 34 كيلومترًا، ويتراوح عمقه بين 60 و100 متر، بينما لا تتجاوز الممرات الملاحية الآمنة فيه من 10 إلى 12 كيلومترًا، ما يفرض قيودًا على حركة السفن، ويزيد من التحديات الأمنية المرتبطة بالملاحة فيه.
حول المضيق تنتشر عشرات الجزر الصغيرة، بعضها متنازع عليه، ما يضيف بعدًا جديدًا إلى التوترات الجيوسياسية في المنطقة، ويجعل المضيق ساحة دائمة للتجاذب بين الدول المتشاطئة عليه والقوى العالمية ذات المصالح في الخليج.
وبيّن المسند أن المضيق يمثل الشريان الرئيسي للطاقة بالنسبة لدول الخليج الكبرى، من بينها السعودية، العراق، الكويت، الإمارات، وقطر، ما يعني أن أي اضطراب في هذا الممر سينعكس سريعًا على أسعار الطاقة عالميًا، وقد يؤدي إلى استنفار عسكري بحري، وربما اندلاع أزمات دبلوماسية بين الدول الكبرى.
كما أكد أن القوانين الدولية الخاصة بالمضائق تضمن حق المرور للسفن التجارية والعسكرية عبر مضيق هرمز، ما يشير إلى أن أي تعطيل لحركة الملاحة يعد خرقًا للقوانين الدولية، ويعرض المنطقة لمزيد من التوترات والصدامات المحتملة.
وأضاف أن الخصائص البيئية للمضيق فريدة من نوعها، إذ يتميز بمستويات ملوحة مرتفعة تفوق المعدل العالمي، وذلك بسبب ضيق الاتصال بالمحيطات، وانخفاض معدلات الأمطار، وغياب مصبات الأنهار الكبيرة في الخليج العربي، باستثناء شط العرب الذي يعاني من ضعف في تدفق المياه.
وأشار أيضًا إلى أن هذه الملوحة العالية تعزز من هشاشة النظام البيئي البحري في المنطقة، وتؤثر على نوعية الحياة البحرية، وتزيد من التحديات المتعلقة بالحفاظ على توازن البيئة البحرية في الخليج.
ولفت المسند إلى أن معدلات التبخر المرتفعة في المنطقة تزيد من تعقيد الوضع البيئي، وتؤثر في تركيز الأملاح في المياه، ما قد يكون له آثار بعيدة المدى على التوازن الطبيعي وعلى جودة المياه المستخدمة في العديد من القطاعات الحيوية في الدول المطلة على الخليج.
واختتم المسند حديثه بالتأكيد على أن من يملك السيطرة على مضيق هرمز يملك واحدًا من مفاتيح الاقتصاد والطاقة العالمية، مضيفًا: "هذا والله أعلم"، في إشارة إلى الأبعاد الاستراتيجية العميقة لهذا الممر البحري الذي يتجاوز كونه مجرد مضيق مائي، ليصبح ساحة صراع وتنافس وتوازن دقيق بين المصالح الدولية.