ليست للموظف "الأفضل أداءً".. جائزة جديدة تكرم الموظفين على "سلوكياتهم" وليس فقط إنجازاتهم

في خطوة تحمل طابعًا رمزيًا وإنسانيًا في آن، أعلنت جمعية عناية الصحية عن إطلاق جائزة جديدة تحمل اسم "وسام سفراء القيم"، وهي مبادرة تهدف إلى تكريم النماذج الملهمة داخل المؤسسة، أفرادًا وإدارات، ممن يجسّدون أرقى صور السلوك المهني والاجتماعي ويحدثون أثرًا حقيقيًا في حياة المستفيدين والمجتمع المحيط.
الوسام الجديد لا يندرج ضمن الجوائز التقليدية المرتبطة بالأداء فقط، بل ينطلق من فلسفة تؤمن بأن القيم داخل بيئة العمل ليست مجرد مبادئ نظرية أو شعارات حائطية، بل سلوكيات يومية قابلة للقياس والتقدير، تستحق الاحتفاء والانتقال بها من دائرة الصمت إلى دائرة الإضاءة.
إقرأ ايضاً:لمواجهة المكسيك في ربع نهائي الكأس الذهبية.. بعثة الأخضر تصل أمريكا وتبدأ المرانبعد أداء متذبذب.. السوق السعودي يعود للصعود بـ248 سهمًا
وفي إعلانها عن الجائزة، أكدت جمعية عناية أن "وسام سفراء القيم" يُمنح سنويًا، ليكون علامة اعتراف ودافعًا مستمرًا للممارسين الذين يقدّمون نماذج متميزة في الاحترافية والمبادرة والتفاعل الإيجابي، ويُسهِمون في ترسيخ مفهوم الشراكة المجتمعية المسؤولة.
ولم تأتِ المبادرة من فراغ، بل تتقاطع مع تصنيف منظمة اليونسكو للقيم العالمية، مما يعكس حرص الجمعية على إرساء منظومة مؤسسية تنتمي إلى السياق العالمي من حيث احترام الإنسان، وتقدير العمل، وتعزيز التقدير المتبادل بين الزملاء.
الوسام يُمنح وفق آليات تقييم دقيقة، تقوم على معايير الشفافية والعدالة، لضمان وصول التكريم إلى مستحقيه دون مجاملة أو تحيّز، وهو ما تسعى الجمعية لترسيخه كجزء من بنيتها الأخلاقية والإدارية الداعمة للمبادئ المؤسسية الرصينة.
كما أن هذه الخطوة تتناغم مع توجه الجمعية نحو تحفيز بيئة العمل لتكون أكثر ديناميكية وإبداعًا، عبر خلق مناخ داخلي يشجع الموظفين على المبادرة، ويشعرهم بأن سلوكياتهم الإيجابية ليست فقط مقدّرة، بل قابلة للتكريم والتوثيق.
وقد عبّر الأمين العام للجمعية، الدكتور سلمان بن عبدالله المطيري، عن فلسفة هذه المبادرة قائلًا إن القيم ليست شعارات تُرفع، بل سلوكيات تُمارس وتُقدَّر، مشددًا على أن هذا الوسام يُسلّط الضوء على القدوة داخل المؤسسة، كأداة لتعزيز بيئة العمل الصحية والمثمرة.
وأوضح المطيري أن الوسام يمثل امتدادًا لرؤية الجمعية القائمة على الإنسان أولًا، مشيرًا إلى أن بناء بيئة عمل تقوم على الاحترام والتعاون لا يقل أهمية عن تقديم الرعاية الصحية نفسها، فالمناخ المؤسسي الإيجابي هو التربة التي تنمو فيها جودة الخدمات.
ويُمنح الوسام خلال ملتقى سنوي تنظمه الجمعية، يتم فيه تكريم الشخصيات الفائزة علنًا، سواء عبر منصات الجمعية الرسمية أو خلال الاحتفال نفسه، مما يمنح التقدير طابعًا عامًا يُلهم الآخرين ويحثهم على تبني القيم نفسها.
ويحصل المُكرَّمون على شهادات رسمية تُعزز من سيرهم المهنية، وتُقدّم لهم كدليل ملموس على تقدير المؤسسة لما بذلوه من جهود، مما يسهم في تعزيز روح الانتماء وتحفيز الأداء المؤسسي بشكل مستمر.
وتؤمن الجمعية أن نشر ثقافة التقدير داخل المؤسسات هو مفتاح لاستدامة النجاح، وأن التوازن بين الأداء المهني والبعد القيمي يخلق مؤسسة أكثر إنسانية وقدرة على مواجهة تحديات القطاع الصحي والتنموي.
ولا يخفى أن هذه المبادرة تأتي في وقت تحتاج فيه المؤسسات إلى مراجعة عميقة لعلاقاتها الداخلية، وبناء نماذج جديدة من التفاعل تعيد الاعتبار للأثر غير المرئي للسلوكيات، في ظل تنامي الضغوط وتزايد وتيرة العمل.
وتُعد هذه الخطوة امتدادًا لمسار اختطّته جمعية عناية منذ تأسيسها، إذ تتبنى في منهجها فلسفة ترتكز على الكفاءة والقيم معًا، وتُكرّس العمل الصحي بوصفه رسالة إنسانية قبل أن يكون مجرد مهنة أو مهمة.
وسام سفراء القيم ليس فقط جائزة، بل بداية لسردية جديدة داخل المؤسسة، يتساوى فيها الجميع على أساس الالتزام الأخلاقي، وتُقاس فيها العظمة لا بما يُنجز فحسب، بل بكيفية الإنجاز وسياقه ومردوده على الآخرين.
إن تكريم النماذج الملهمة داخل المؤسسات لا يصنع فقط بيئة صحية، بل يخلق طاقة خفية تُشعل شغف الزملاء، وتعيد تشكيل ثقافة العمل من الداخل، ليصبح العطاء موقفًا يوميًا يُحتذى لا حدثًا يُحتفل به مرة واحدة.