الانقلاب الصيفي يعيد رسم خريطة الطقس.. الصيف يبدأ فلكيًا وتحذيرات عاجلة من الحرارة

الانقلاب الصيفي
كتب بواسطة: رضا شحاتة | نشر في  twitter

قال الباحث في الطقس والمناخ عبدالعزيز الحصيني إن يوم غد السبت سيشهد حدثًا فلكيًا هامًا يُعرف بـ"الانقلاب الصيفي"، وهو الموعد السنوي الذي تصل فيه الشمس إلى أقصى نقطة شمالية لها على مدار العام، حيث تتعامد أشعتها تمامًا على مدار السرطان، الواقع جنوب العاصمة الرياض، وتحديدًا قرب منطقة حوطة بني تميم.

وأوضح الحصيني أن هذه الظاهرة تُشكّل بداية فصل الصيف من الناحية الفلكية أو "الظاهرية" في نصف الكرة الشمالي، وهي مرحلة يُصاحبها عادة ارتفاع ملحوظ في درجات الحرارة، متجاوزة الموجات الحارة التي يشعر بها الناس قبل هذا اليوم، لتبدأ بذلك ذروة الحرارة الفعلية.


إقرأ ايضاً:خيبة امل للمستثمرين: سهم طيران ناس منخفضاً في اول اسبوع لهغياب مؤثر في صفوف المنتخب.. من هو اللاعب الذي سيغيب عن "الأخضر" بأمر الأطباء؟

وأشار إلى أن هذا التوقيت يمثل لحظة محورية في التقويم المناخي، حيث تتغيّر فيه الكثير من المؤشرات المناخية وتبدأ الأرض بالدخول في أكثر فتراتها حرارة خلال السنة، وهو ما يؤكده الموروث الشعبي العربي بقولهم: "لا حر إلا بعد الانصراف".

وبيّن أن المقصود بـ"الانصراف" في الموروث هو انصراف الشمس بعد وقوفها في أقصى مدى لها شمالًا، مؤكدًا أن حرارة الأجواء بعد هذا اليوم تكون أشد وأطول مدى، وأنه رغم الإحساس بالحر مسبقًا، فإن المرحلة الأشد تبدأ فعليًا بعد الانقلاب الصيفي.

وأكد الحصيني أن هذه الظاهرة، إلى جانب بعدها الفلكي والعلمي، لها دلالات ثقافية وتاريخية عند العرب، حيث كانوا يحددون بها بداية تغيرات موسمية كبرى، وتستند الكثير من عاداتهم الزراعية والرعوية على هذه المؤشرات الطبيعية.

وأضاف أن الانقلاب الصيفي يُعتبر من المحطات المناخية المهمة التي يعتمد عليها المختصون في رصد التحولات الجوية، نظرًا لأنه يتزامن مع تغيّر في سلوك الرياح، وازدياد نسب التبخر، وظهور مؤشرات أولية للموجات الحارة الممتدة في مناطق واسعة من شبه الجزيرة.

ونبّه إلى أن فصل الصيف في المملكة سيكون طويلًا هذا العام كما هو متوقع، مشيرًا إلى أن الانقلاب الصيفي هذا العام يتزامن مع ارتفاعات واضحة في درجات الحرارة، خصوصًا في المناطق الوسطى والشرقية وبعض أجزاء الجنوب، ما يستدعي أخذ الحيطة وتجنب التعرض المباشر لأشعة الشمس وقت الذروة.

وقال إن الظاهرة تؤثر بشكل غير مباشر على حركة الرياح الموسمية أيضًا، إذ تبدأ الكتل الهوائية الساخنة بالتوسع أكثر، بينما تتراجع الرياح الرطبة إلى أطراف محدودة، ما يقلل من فرص تشكل الأمطار في العديد من المناطق باستثناء بعض الحالات المحلية.

وذكّر الحصيني بأهمية ربط المعطيات الفلكية بالموروث الشعبي الذي يحمل بدوره دقة ملاحظة عالية، مشيرًا إلى أن كثيرًا من ما سجله العرب قديمًا يتقاطع اليوم مع المعايير العلمية، مما يثبت عمق ملاحظاتهم وارتباطهم الوثيق بالتقلبات الطبيعية.

وأشار إلى أن هذه الفترة تُعد من المراحل الحرجة بالنسبة للفئات الأكثر عرضة للتأثر بالحرارة، كالأطفال وكبار السن، والعاملين في الميدان، مما يستدعي رفع الوعي المجتمعي بأهمية الالتزام بالإجراءات الوقائية في ظل ارتفاع متوقع لدرجات الحرارة خلال الأيام المقبلة.

ولفت إلى أن ذروة الصيف ستتفاوت من منطقة لأخرى، إلا أن الانقلاب الصيفي يبقى المؤشر الثابت الذي تنطلق منه دورة الصيف الطبيعية، لتسجل درجات الحرارة تصاعدًا تدريجيًا في نطاقات واسعة تشمل معظم أرجاء المملكة.

ودعا إلى مراقبة التحديثات الجوية والمعلومات الصادرة من المركز الوطني للأرصاد، مشيرًا إلى أن هذه المرحلة تستوجب استعدادًا خاصًا من الجهات المختصة في مجالات الكهرباء والمياه والصحة والسلامة العامة.

وختم الحصيني حديثه بالإشارة إلى أن الانقلاب الصيفي ليس مجرد ظاهرة فلكية عابرة، بل هو نقطة تحول مناخي تُبنى عليها كثير من المؤشرات الزراعية والبيئية، وتشكل محورًا لفهم السياق الموسمي الذي ينعكس على حياة الناس في مختلف مناطق المملكة.

اقرأ ايضاً
الرئيسية | هيئة التحرير | اتصل بنا | سياسة الخصوصية