هل "هرب" إنزاجي من أوروبا؟ الصحافة الإيطالية تثير الجدل حول الأسباب الحقيقية لانتقاله للهلال

في توقيت حساس يسبق واحدة من أكثر المباريات المرتقبة في الموسم، وجّهت الصحافة الإيطالية سهام انتقاداتها الحادة إلى المدرب الإيطالي سيموني إنزاجي، المدير الفني الجديد لنادي الهلال السعودي، وسط جدل متصاعد بشأن إرثه الكروي وأدائه في اللحظات الحاسمة مع الأندية التي أشرف على قيادتها في أوروبا.
الصحافة في إيطاليا لم تكتفِ بتحليل فني أو تقييم متزن لمسيرته، بل خرجت بتقارير حملت طابع الهجوم المباشر، مستعرضة تفاصيل ما وصفته بـ"الفوضى" التي صاحبت الأيام الأخيرة لإنتر ميلان تحت قيادته قبيل نهائي دوري أبطال أوروبا، الذي خسره الفريق لصالح باريس سان جيرمان الفرنسي.
إقرأ ايضاً:20 مليون ريال تشعل المفاوضات على حارس الاتفاق..شرط مفاجئ يعطل الصفقة من الفصول المحلية إلى التدريب العالمي: تخصص التوحد يحظى بفرصة ابتعاث جديدة
الأجواء في الإعلام الإيطالي تعكس نوعًا من الإحباط المخلوط بالدهشة من انتقال إنزاجي إلى الهلال، فهناك من اعتبر أن هذه الخطوة تمثل هروبًا من ضغوط المنافسة الأوروبية، بينما رأى آخرون أنها مجرد محاولة لإعادة تلميع صورته بعد موسم كان مثقلًا بالإخفاقات والأخطاء التكتيكية الحاسمة.
الانتقادات طالت أيضًا أداء إنتر ميلان في النسخة الأخيرة من دوري الأبطال، حيث اتهمت الصحف المدرب بالتسبب في ضياع اللقب الأوروبي بعدما فشل في فرض الانضباط والسيطرة خلال المرحلة الأكثر حساسية من مشوار البطولة، الأمر الذي سمح لباريس سان جيرمان بالاستفادة والظفر باللقب.
وفيما يبدو أنه توقيت غير بريء، تزامن هذا التصعيد الإعلامي مع استعداد الهلال السعودي لملاقاة ريال مدريد الإسباني في مواجهة كبيرة تُسلّط عليها الأضواء عالميًا، ما أضاف بعدًا نفسيًا حساسًا للمدرب الإيطالي الذي يواجه الآن اختبارًا مزدوجًا: الرد على منتقديه، وتقديم صورة قوية مع فريقه الجديد.
سيموني إنزاجي الذي خاض سنوات من التحدي مع لاتسيو ثم إنتر، يعرف جيدًا أن الإعلام الإيطالي لا يرحم، وأن أي تعثر سابق سيتحول إلى سلاح ضده في أي لحظة ضعف، خاصة حين تتاح لهم فرصة للربط بين خسارة أوروبية والتعاقد الجديد في آسيا، وهو ما حدث بالفعل في هذا السياق.
الصحف ركزت أيضًا على ما أسمته "سوء إدارة غرفة الملابس" في إنتر، معتبرة أن الأجواء داخل الفريق كانت متوترة ومعقدة قبل النهائي الأوروبي، مما انعكس سلبًا على أداء اللاعبين في تلك المباراة المصيرية، التي انتهت بفوز الفريق الفرنسي وتتويجه على حساب الطليان.
ورغم أن إنزاجي كان قد حظي بدعم في فترات سابقة بفضل أسلوبه الفني المتوازن وقراءته التكتيكية الجيدة للمباريات، إلا أن ذلك الدعم بدأ يتلاشى بعد سقوطه الأخير، ما جعل كثيرين يرون أن الهلال قد يكون إما نقطة بداية جديدة، أو استمرارًا في مسلسل التراجع إذا لم يتمكن من إثبات نفسه سريعًا.
الشارع الرياضي الإيطالي، خاصة مناصري الإنتر، لم يتأخروا بدورهم في الدخول على خط الانتقاد، فامتلأت مواقع التواصل بالتعليقات الغاضبة والتذكير بأخطاء المدرب، الأمر الذي قد يضيف ضغطًا إضافيًا عليه وهو يحاول إثبات جدارته بقيادة أحد أكبر أندية القارة الآسيوية.
مواجهة الهلال مع ريال مدريد تمثل اختبارًا رمزيًا كذلك، فالنادي الإسباني هو نفسه أحد الخصوم الذين لطالما كان إنزاجي يحلم بمقارعتهم في دوري الأبطال، وها هو الآن أمام تحدٍ مشابه ولكن من موقع مختلف، وهو ما قد يشكل حافزًا له لتقديم مباراة استثنائية لإسكات منتقديه.
في المقابل، تلقّى إنزاجي دعمًا من بعض الأصوات الفنية العربية والخليجية التي دافعت عن قدراته، معتبرة أن التجربة الأوروبية لا يمكن تجاهلها وأن الحكم عليه في الهلال لا بد أن يرتبط بأدائه مع الفريق، وليس بماضيه في إنتر فقط، خاصة وأن الضغوط في الدوريات الأوروبية تختلف تمامًا عن مثيلاتها في المنطقة.
إدارة الهلال السعودي، من جهتها، لم تُبدِ أي قلق أو تعليق مباشر على ما ورد في الصحف الإيطالية، لكنها أظهرت ثقة واضحة في مشروعها الفني مع إنزاجي، الذي جاء خلفًا لتجربة لم تكن مستقرة في الموسم السابق، وهو ما يجعل الاستقرار الفني مطلبًا أساسيًا هذه المرحلة.
وتترقب الجماهير الهلالية والعربية عمومًا ما سيقدمه الفريق في المواجهة المرتقبة أمام ريال مدريد، خصوصًا في ظل هذا التصعيد الإعلامي الذي ألقى الضوء فجأة على المدرب قبل أن يخوض حتى أولى مبارياته الرسمية، ما يزيد من أهمية الأداء ويحوّل اللقاء إلى فرصة لتأكيد أو نفي كل ما يُقال عنه.
ومهما بلغت حدة الهجوم، تبقى الحقيقة أن الكرة في ملعب سيموني إنزاجي الآن، فالموسم لم يبدأ بعد، والمباراة المقبلة مع ريال مدريد ليست سوى بداية لرحلة طويلة، يحتاج فيها المدرب الإيطالي إلى إغلاق أذنه عن الضجيج، وفتح عينه جيدًا على كل تفصيلة داخل المستطيل الأخضر.