الحجاج يودعون الحرم بهدايا من جدة.. وسوق "البلد" ينبض بالحنين

موسم الحج
كتب بواسطة: محمد حسنين | نشر في  twitter

تتجه أنظار الحجاج المغادرين إلى قلب جدة التاريخية، حيث يختتمون رحلتهم الإيمانية بجولة مفعمة بالحنين بين أسواق "البلد" ومزاراتها العريقة، حاملين معهم الذكريات والبركات، ومقتنيات تمثل لهم أكثر من مجرد هدايا.

تتحول المنطقة التاريخية إلى مسرح حيّ للثقافة والتسوق، يتزاحم فيه الحجاج من مختلف الجنسيات، بحثًا عن القطع التراثية والرموز المقدسة التي تعكس تجربتهم الروحية، وتؤرّخ للحظة استثنائية عاشوها بكل خشوع.
إقرأ ايضاً:طموح لا ينكسر، شباب السعودية يرفعون راية التحدي في بولنداانتبه إذا كنت من سالكي هذا الطريق.. إغلاق جزئي وتعليمات جديدة للسائقين

يمضي الزائرون بين أروقة الحارات القديمة، حيث يمتزج عبق التاريخ مع حيوية السوق، فتنبض الجدران بالحكايات، وتُعرض أمامهم السبح اليدوية، والسجاد المنقوش، والأحجار الكريمة الموشاة بصور الحرمين الشريفين.

لا يقتصر الحجاج على التسوق فقط، بل يحرصون أيضًا على زيارة المعالم الاقتصادية والثقافية في المدينة، فيمشون بمحاذاة الواجهة البحرية، ويقفون طويلاً أمام نافورة جدة، تلك التي تخترق السماء برشاقتها وتُلهب عدسات الكاميرات.

وتُعد زيارة المنطقة التاريخية بجدة تقليدًا سنويًا راسخًا في وجدان الحجيج، حيث يجدون فيها فرصة لتوديع الأراضي المقدسة بهدوء، واقتناء ما يُهديه القلب للأهل والأحبة، من تمور فاخرة، وأقمشة مطرّزة، ولوحات قرآنية تبعث الطمأنينة.

وثّقت عدسة "واس" مشاهد نابضة لجموع الحجاج وهم يتجولون بين المحال القديمة، ويتبادلون الابتسامات مع الباعة، الذين يحرصون بدورهم على تقديم أفضل ما لديهم، إدراكًا لقيمة هذه الزيارة في ذاكرة الحاج ووجدانه.

يمتزج في هذه الأسواق صوت المؤذن مع أصوات الزائرين، ويعلو هدير المشاعر حين يلمس الحاج مصحفًا مذهبًا أو يُطالع لوحةً تصور المشاعر المقدسة، كأنه يعيد استحضار لحظات الطواف والدعاء وزمزم.

ويجد كثير من الحجاج في هذه الجولة فرصة لتوثيق رحلتهم الإيمانية عبر صور تذكارية، يتشاركونها مع أسرهم لاحقًا، كدليل على النعمة التي نالوها، وسفرٍ روحي تتجدد أصداؤه كلما نظروا إلى تلك الصور.

وتشكل هذه الزيارة امتدادًا وجدانيًا لشعائر الحج، إذ يربطون بين قداسة المكان والزمان، وبين ما تحمله جدة من عمق ثقافي، وإرث حضاري يسكن المآذن والأزقة والدكاكين القديمة.

عبّر كثير من الحجاج عن امتنانهم العميق لما لمسوه من تنظيم واستقبال وخدمات، مؤكدين أن هذه التجربة ستظل محفورة في قلوبهم، وستظل جدة التاريخية هي الخاتمة المثلى للرحلة قبل العودة إلى الوطن.

تنبض جدة في هذه اللحظات بلغة عالمية واحدة، تتجاوز اللهجات والأوطان، وتلتحم فيها الأرواح في مساحة زمنية قصيرة، لكنها تختزل شوقًا سيبقى طويلًا، وأملًا بالعودة في مواسم قادمة.

وتأتي هذه المشاهد في ختام موسم حج حافل بالتيسير والتنظيم، حيث يجد الحاج وقتًا يوازن فيه بين الروحانية والمتعة البصرية، في تجربة متكاملة لا تكتمل إلا بزيارة جدة، مدينة الحكايات والانفتاح.

تغادر القلوب قبل الأجساد، وتظل صور الأسواق، ونوافير الماء، والتمور التي اصطفاها الحاج بيده، شاهدة على تفاصيل لا تُنسى، تُخبأ في الحقيبة وتُروى في المجالس، كأجمل ختام لحج العمر.

ومع كل رحلة عودة، يبقى في جدة ما لا يُشترى ولا يُباع، ذكرى دافئة، وصدى أذان في حيٍّ قديم، وخطوات حاج يودّع الزمان والمكان على أمل اللقاء من جديد.

اقرأ ايضاً
الرئيسية | هيئة التحرير | اتصل بنا | سياسة الخصوصية