"نظام الثلاثي الأبعاد" يكشف أسرار الحوادث: قفزة نوعية في تحقيقات السلامة

في قفزة نوعية نحو مستقبل أكثر أمانًا لقطاع النقل، أعلن المركز الوطني لسلامة النقل عن تبنيه أحدث التقنيات الذكية في مجال تحقيقات السلامة، وهذه الخطوة، التي تُعد بمثابة نقطة تحول محورية، لا تهدف فقط إلى رفع كفاءة التحقيقات، بل تسعى جاهدة لتحقيق أعلى معايير الجودة في تحليل الحوادث بمختلف وسائل النقل، من المركبات البرية إلى السكك الحديدية والطيران، مُرسية بذلك أسسًا جديدة للسلامة على الطرق وفي الجو.
يُشكل هذا التوجه التقني المتقدم استجابةً مباشرةً للتحديات المعقدة التي تفرضها حوادث النقل، والتي تتطلب فهمًا عميقًا ودقيقًا لأسبابها وملابساتها، وفي صدارة هذه التقنيات المبتكرة، يأتي المسح الضوئي ثلاثي الأبعاد، والذي يُعد نقلةً نوعيةً في أساليب توثيق الحوادث، فبواسطة هذه التقنية المتطورة، تتمكن الفرق المختصة من التقاط أدق التفاصيل في مواقع الحوادث بدقة لا تُضاهى، الأمر لا يقتصر على توثيق تموضع وسيلة النقل بعد الحادث فحسب، بل يمتد ليشمل جمع التفاصيل البيئية المحيطة بالموقع، من تضاريس الطريق إلى العوائق، وحتى الظروف الجوية، ما يُوفر قاعدة بيانات شاملة تُسهم في تحليل شامل وغير مسبوق.
إقرأ ايضاً:القنصلية السعودية ترفع درجة الحذر: لا تقتربوا من الاحتجاجات في لوس أنجلوس"مورينيو يُشعل الميركاتو".. نجم الهلال سافيتش هدف فنربخشة التركي
إن القيمة الحقيقية للمسح الضوئي ثلاثي الأبعاد تتجلى في قدرته على إعادة بناء موقع الحادث بنماذج ثلاثية الأبعاد بدقة وموثوقية عالية، وهذه القدرة التحليلية تُمكن المحققين من محاكاة المشهد بدقة فائقة، واستعراضه من زوايا متعددة، والتعمق في أدق التفاصيل التي قد تكون غائبة عن الفحص البشري التقليدي، وبفضل هذه النماذج ثلاثية الأبعاد، يُصبح تحليل الأسباب والملابسات أكثر احترافية وشمولية، ما يُسهم في الكشف عن العوامل الخفية التي قد تكون وراء وقوع الحادث، سواء كانت عوامل بشرية، أو تقنية، أو بيئية، وهذه المعلومات الدقيقة والموثوقة تُقدم دعمًا لا يقدر بثمن لصناع القرار والمعنيين بقطاع النقل والسلامة، وتُمكنهم من اتخاذ إجراءات تصحيحية وقائية فعالة، وصياغة سياسات أكثر أمانًا، وتطوير البشريات التكنولوجية لتقليل احتمالية تكرار الحوادث.
إن تبني المركز الوطني لسلامة النقل لأحدث الممكنات التقنية هو جزء لا يتجزأ من سعيه الدائم لتعزيز منظومة السلامة الوطنية، وهذا المسعى الطموح يواكب تمامًا المستهدفات الكبرى لرؤية السعودية 2030 في مجال سلامة النقل، والتي تضع السلامة على رأس أولوياتها كعنصر أساسي لتحقيق جودة الحياة وتنمية الاقتصاد، فمع التوسع في شبكات النقل وتزايد أعداد المستخدمين، تُصبح الحاجة ملحة لابتكار حلول تكنولوجية تُعزز من الأمان وتُقلل من المخاطر.
لا شك أن هذه الخطوة ستُسهم في بناء ثقافة سلامة راسخة، ليس فقط لدى الجهات المعنية بتحقيقات الحوادث، بل تمتد لتشمل جميع الأطراف ذات الصلة بقطاع النقل، من مصنعي المركبات إلى سائقيها، ومن مخططي البنية التحتية إلى مستخدمي الطرق، فكلما كانت التحقيقات أكثر دقة وشمولية، كلما كانت الدروس المستفادة منها أعمق، وبالتالي، كانت الإجراءات الوقائية المتخذة أكثر فعالية، وهذا التوجه نحو التكنولوجيا الذكية لا يُعزز من كفاءة التحقيقات فحسب، بل يُرسخ أيضًا مبدأ الشفافية والمساءلة، ويُساهم في بناء نظام نقل أكثر أمانًا وموثوقية، يخدم تطلعات المملكة نحو مستقبل مزدهر ومستدام.