"رذاذ الرحمة" يروي عطش الحجاج في المشاعر المقدس

في قلب المشاعر المقدسة، حيث تجتمع الملايين من الحجاج من مختلف بقاع الأرض لأداء نسكهم، يبرز مشهد إنساني يعكس أسمى معاني العطاء والتطوع، بين جموع الحجاج المتجهين في صمت وخشوع إلى عرفات ومزدلفة ومنى، يتحرك أفراد الكشافة السعودية بخفةٍ ونشاط، يحملون معهم عبوات رذاذ الماء البارد على ظهورهم، ينثرونه برفق على الحجاج، كأنها قطرات رحمة تهبط من السماء في لحظة عطش وشمسٍ لافحة.
هذا المشهد، الذي يتكرر كل عام لكنه لا يفقد تأثيره أبدًا، بات رمزًا من رموز موسم الحج، وعنوانًا للتطفي قلب المشاعر المقدسة، حيث تجتمع الملايين من الحجاج من مختلف بقاع الأرض لأداء نسكهم، يبرز مشهد إنساني يعكس أسمى معاني العطاء والتطوع، بين جموع الحجاج المتجهين في صمت وخشوع إلى عرفات ومزدلفة ومنى، يتحرك أفراد الكشافة السعودية بخفةٍ ونشاط، يحملون معهم عبوات رذاذ الماء البارد على ظهورهم، ينثرونها برفق على الحجاج، كأنها قطرات رحمة تهبط من السماء في لحظة عطش وشمسٍ لافحة، هذا المشهد، الذي يتكرر كل عام لكنه لا يفقد تأثيره أبدًا، بات رمزًا من رموز موسم الحج، وعنوانًا للتطوع السعودي في أبهى صوره.
إقرأ ايضاً:الأمير سعود بن مشعل يعلن نجاح الحج ويشيد بجهود المنظومةالسعودية تواجه موجة حر شديدة… وتوصيات عاجلة للمواطنين
“رذاذ الرحمة” لم يكن مجرد مبادرة مؤقتة، بل هو نتاج تخطيط مسبق وجهد منظم من قبل جمعية الكشافة العربية السعودية، التي تعمل على إعداد برامج تطوعية وخدمية تواكب احتياجات ضيوف الرحمن، وقد ركزت الجمعية هذا العام على تقديم خدمات مبتكرة وذات طابع إنساني مباشر، فكان مشروع التلطيف الحراري بالرذاذ أحد أبرز هذه المبادرات، خصوصًا في ظل ارتفاع درجات الحرارة، وما يشكله ذلك من تحدٍ كبير لصحة وسلامة الحجاج، لا سيما كبار السن وأصحاب الأمراض المزمنة.
ينتشر الكشافة في مواقع محددة من المشاعر، حيث يدرسون نقاط الكثافة العالية للحجاج، ويختارون أماكن مناسبة لتمرير الرذاذ المائي دون أن يعوقوا حركة السير، يحمل كل كشاف جهازًا محمولًا على الظهر يحتوي على الماء البارد، ويقوم برشه برفق على وجوه وأجساد الحجاج، وسط دعوات الامتنان وابتسامات الامتنان التي تعلو الوجوه، والمميز في هذا الجهد، أنه يُقدم بلغة عالمية لا تحتاج إلى ترجمة، فالماء البارد في وقت الحرّ هو رسالة محبة تُفهم في كل الثقافات.
ولا يقتصر دور الكشافة على الرش بالماء، بل يمتد ليشمل التوجيه والإرشاد، وتقديم الإسعافات الأولية، ومساعدة كبار السن، وتوزيع عبوات المياه، في تجسيد حي لمفهوم الخدمة العامة، غير أن مبادرة “رذاذ الرحمة” تبقى الأقرب إلى قلوب الحجاج، لأنها تخفف من عناء مادي مباشر يشعرون به لحظة بلحظة، كما أن حضور الكشافين ببزاتهم المنظمة، وأسلوبهم الهادئ، يضفي حالة من الطمأنينة على المكان، ويعكس مدى التنظيم والاهتمام الذي توليه المملكة لكل تفاصيل خدمة الحاج.
وقد عبّر كثير من الحجاج عن امتنانهم لما يقدم لهم من خدمات خففت عنهم مشقة الطقس، معتبرين أن ما تقوم به الفرق الكشفية السعودية يعكس مدى تطور مفهوم العمل التطوعي في المملكة، الذي لم يعد يقتصر على الجوانب التقليدية، بل بات يتبنى حلولًا ذكية وإنسانية في آن، فالرذاذ الذي يُنثر لا يُبرّد الأجساد فقط، بل يلامس القلوب، ويرسّخ في الأذهان صورة لا تُنسى عن موسم الحج وخدمة ضيوف اارحمن.
من جهتها، أشادت القيادات الكشفية بالمستوى العالي من الالتزام والانضباط الذي أبداه المشاركون في هذه المبادرة، مؤكدين أن الكشافة السعودية تسعى سنويًا إلى تطوير آليات العمل بما يتوافق مع احتياجات الموسم وتطلعات الحجاج، ولفتوا إلى أن التدريب الذي يتلقاه الكشافون قبل انطلاقهم للمشاعر المقدسة يتضمن جانبًا صحيًا وإنسانيًا وبيئيًا، ليكون أداؤهم على مستوى الحدث.
ويأتي هذا الدور في إطار جهود المملكة الشاملة لتوفير تجربة حج آمنة وميسرة وإنسانية في آنٍ معًا، وهي جهود تتوزع بين مختلف الجهات، وتُنسج كلوحة متكاملة من الخدمات، يشارك فيها الجميع من الكوادر الطبية والأمنية والتطوعية، ويبرز فيها الكشافون كنموذج شبابي فاعل يتعلم العطاء من خلال الميدان، ويخدم الوطن والإنسانية بكل فخر.
إن “رذاذ الرحمة” ليس مجرد رش ماء، بل هو تجسيد لقيم الرحمة والرأفة والتكافل التي تتجذر في الثقافة السعودية، وتترجم عمليًا في موسم الحج، حيث تُروى أجساد الحجاج من حرارة الطقس، وتُروى قلوبهم من دفء المشاعر الإنسانية، في تلاحم نادر بين الروحانية والعمل الخيري.