من قلب المدينة المنورة .. "روثانة" تسيطر على الأسواق الخليجية!

تُعتبر مواسم الرُّطَب في المدينة المنورة من أبرز الفعاليات الموسمية التي تحمل في طياتها أبعادًا ثقافية واقتصادية عميقة تعكس التراث السعودي الأصيل، هذا الموسم السنوي لا يقتصر على كونه مناسبة لجني الثمار فحسب، بل يمثل مناسبة للاحتفاء بالهوية الزراعية والحضارية للمنطقة، ويشكل رافدًا مهمًا للحركة الاقتصادية المحلية.
تأتي رُطَب "الروثانة" على رأس الأصناف الأكثر شهرة وإقبالًا بين سكان المدينة وزوارها، وذلك لما تتمتع به من جودة عالية وطعم مميز يجعلها الخيار الأول لعشاق التمور في هذا الموسم.
إقرأ ايضاً:الهلال يودّع المونديال ويحقق مكاسب مالية كبرىبعد الخروج من المونديال.. جماهير الهلال تغضب من مالكوم بسبب تصرفاته
وتُطرح هذه الثمرة الطازجة حاليًا في الأسواق المركزية بالمدينة، إلى جانب البيع المباشر من المزارع المنتشرة على أطراف المدينة، مما يعكس نشاطًا اقتصاديًا واضحًا ويُبرز حيوية القطاع الزراعي في المدينة خلال فصل الصيف.
ويشهد الإقبال على رُطَب الروثانة امتدادًا واضحًا إلى مختلف مناطق المملكة، حيث تُنقل كميات يومية من هذا النوع إلى الأسواق الكبرى في الرياض، جدة، والمنطقة الشرقية، ليس هذا فحسب، بل تتم أيضًا تصديرها إلى دول مجلس التعاون الخليجي، نظرًا لسهولة نقلها وتخزينها، فضلاً عن شعبيتها الموسمية التي تزداد مع بداية الحصاد.
وفي هذا السياق، أوضح عبدالله بن عبدالعزيز الردادي، رئيس مجلس إدارة الجمعية التعاونية للتمور بالمدينة المنورة، أن نخلة الروثانة تُعد من أوائل أنواع النخيل التي يبدأ إنتاجها مع مطلع موسم الرطب، مما يجعلها علامة مميزة لهذا الموسم الزراعي.
وأكد أن الطلب على رُطَب الروثانة لا يقتصر على المدينة المنورة فحسب، بل يمتد إلى مختلف مناطق المملكة، مستمرًا لفترة قرابة 40 يومًا، وهو ما يعكس أهمية هذا الصنف في السوق المحلي.
وأضاف الردادي أن رُطَب الروثانة تمتاز بطعمها الفريد ولونها المميز الذي يختلف عن باقي أصناف الرطب، مما يجعلها محط أنظار المستهلكين، وتأتي هذه المميزات لتدعم مكانة الرطب كفاكهة موسمية صحية ومغذية، يفضلها الكثيرون على التمور الجافة.
ومن الناحية الغذائية، يُعد الرُّطَب خيارًا صحيًا لاحتوائه على نسبة عالية من الماء، مما يساعد في ترطيب الجسم خلال الصيف، إلى جانب احتوائه على سعرات حرارية منخفضة مقارنةً بالتمر الجاف، حيث تحتوي الحبة المتوسطة على ما يقارب 20 إلى 30 سعرة حرارية فقط.
كما يوفر الرطب نسبة جيدة من الألياف التي تُسهم في تحسين صحة الجهاز الهضمي، فضلًا عن المعادن المهمة مثل البوتاسيوم والمغنيسيوم، والتي تعزز من وظائف الجسم المختلفة.
ويتميز إنتاج المدينة المنورة بتنوع أصناف الرُّطَب والتمور التي تعكس غنى البيئة الزراعية والتقاليد الزراعية العريقة في المنطقة، ومن بين الأصناف الأخرى المشهورة الرُّطَب من نوع العجوة، والبرني، والربيعة، والصفاوي، وغيرها، التي تمثل صورة حية عن ثراء الإنتاج المحلي وقدرة المزارعين على المحافظة على جودة المنتجات الزراعية.
ويأتي موسم الرطب هذا العام وسط أجواء من التفاؤل بين المزارعين والتجار على حد سواء، إذ تشهد الأسواق إقبالًا متزايدًا من المستهلكين المحليين والسياح، مما يعزز النشاط التجاري ويوفر فرص عمل مهمة لعدد كبير من أبناء المنطقة.
ويعد هذا النشاط الموسمي من الدعامات الأساسية لاقتصاد المدينة المنورة، حيث يسهم بشكل مباشر في تنشيط الحركة التجارية وتحقيق دخل إضافي للمزارعين.
في المجمل، يعكس موسم الرطب في المدينة المنورة مشهدًا زراعيًا وثقافيًا غنيًا، يتداخل فيه التراث مع الاقتصاد، مما يجعل هذا الموسم مناسبة وطنية تتجدد كل عام لتجسد ارتباط الإنسان السعودي بأرضه وثراء بيئته الزراعية، ويؤكد مكانة المدينة المنورة كمركز مهم في إنتاج التمور الرطبة التي تحظى بشعبية واسعة داخل المملكة وخارجها.