فرصة للمشترين وحيرة للمستثمرين.. تراجع ملحوظ في أسعار الذهب بالمملكة

في انعكاس مباشر لتحركات الأسواق العالمية، شهدت أسعار الذهب في المملكة العربية السعودية انخفاضًا ملحوظًا خلال تعاملات اليوم الجمعة، مما أتاح فرصة سانحة للمشترين والمقبلين على الزواج، وأثار في الوقت ذاته حالة من الترقب والحذر في أوساط المستثمرين.
وسجل سعر جرام الذهب من عيار 21، الذي يعتبر الأكثر شعبية وتداولًا في أسواق المملكة، تراجعًا ليصل إلى حوالي 352.31 ريالًا سعوديًا، وهو ما يعادل قرابة 93.95 دولارًا أمريكيًا، في تداول يعكس حالة الضغط التي يواجهها المعدن الأصفر على الصعيد العالمي.
إقرأ ايضاً:تحالف جوي جديد ... السعودية توقع اتفاقية كبرى للنقل الجوي مع صربيا وإندونيسيا!بعد موسمين متقلبين... الاتفاق يعلن بيع الجامايكي "ديماراي غراي" إلى برمنغهام في صفقة نهائية
وامتد هذا الانخفاض ليشمل كافة العيارات الأخرى، حيث وصل سعر جرام الذهب من عيار 24، الأعلى نقاءً، إلى نحو 402.64 ريال، بينما سجل عيار 22 سعر 369.08 ريال، في حين بلغ سعر جرام الذهب من عيار 18، المفضل في صناعة المجوهرات الإيطالية والفرنسية، حوالي 301.98 ريال.
وبحسب منصة "سعودي جولد" المتخصصة في رصد أسعار المعدن النفيس، فقد سجل الجرام من عيار 14 سعرًا بلغ 234.87 ريال، مما يؤكد أن موجة التراجع كانت شاملة لكافة أنواع السبائك والمشغولات الذهبية المتداولة في السوق المحلي.
ويأتي هذا التراجع في الأسعار المحلية كصدى مباشر لما يحدث في البورصات العالمية، حيث يرتبط سعر الذهب في السعودية بشكل وثيق بسعره الفوري العالمي، والذي يخضع حاليًا لضغوطات كبيرة نتيجة لعدة عوامل متداخلة ومعقدة.
ويقف على رأس هذه العوامل، قوة الدولار الأمريكي الذي يواصل الحفاظ على مستوياته المرتفعة، مدعومًا بالسياسة النقدية المتشددة التي يتبعها مجلس الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي لكبح جماح التضخم، وهو ما يجعل الذهب، المسعر بالدولار، أكثر تكلفة لحاملي العملات الأخرى.
كما أن أسعار الفائدة المرتفعة تزيد من تكلفة الفرصة البديلة لحيازة الذهب، الذي لا يدر أي عائد أو فائدة، مما يدفع المستثمرين إلى تفضيل الاستثمار في السندات والأصول الأخرى التي توفر عوائد مجدية، وهو ما يقلل من جاذبية المعدن الأصفر كأداة استثمارية.
وقد عززت البيانات الاقتصادية القوية التي صدرت مؤخرًا من الولايات المتحدة، من قناعة الأسواق بأن "الفيدرالي الأمريكي" قد لا يتعجل في خفض أسعار الفائدة، مما شكل ضغطًا إضافيًا على أسعار الذهب وساهم في تراجعها خلال الأيام القليلة الماضية.
وعلى الصعيد المحلي، يمثل هذا الانخفاض فرصة للمستهلكين الذين كانوا ينتظرون تراجع الأسعار لشراء احتياجاتهم من المشغولات الذهبية، خاصة مع تزامن الانخفاض مع عطلة نهاية الأسبوع التي تشهد عادةً إقبالًا على الأسواق ومحلات الصاغة.
لكن الصورة تبدو مختلفة بالنسبة للمستثمرين، الذين يواجهون الآن تساؤلًا صعبًا، هل يمثل هذا الانخفاض فرصة جيدة للشراء وتعزيز حيازاتهم من الذهب بأسعار أقل، أم أنه قد يكون بداية لموجة هبوط أعمق في ظل الظروف الاقتصادية العالمية الراهنة؟
ويشير المحللون إلى أن اتجاه أسعار الذهب في الفترة المقبلة سيبقى مرهونًا بشكل كبير بالبيانات الاقتصادية القادمة من الولايات المتحدة، وبأي تلميحات قد تصدر عن مسؤولي مجلس الاحتياطي الفيدرالي بشأن مسار سياستهم النقدية خلال الأشهر القادمة.
كما أن أي تغيرات في المشهد الجيوسياسي العالمي قد تلعب دورًا في إعادة البريق للذهب كملاذ آمن، ففي أوقات التوترات والنزاعات، يلجأ المستثمرون عادة إلى المعدن الأصفر كأداة للتحوط من المخاطر، وهو ما قد يدعم أسعاره مجددًا.
وفي ظل هذه المعطيات، ينصح الخبراء المستهلكين الراغبين في الشراء للاستخدام الشخصي أو للزواج، بالاستفادة من نافذة الأسعار الحالية، بينما ينصحون المستثمرين بتوخي الحذر، ومراقبة الأسواق عن كثب قبل اتخاذ أي قرارات استثمارية كبرى.
وفي النهاية، فإن سوق الذهب يثبت مرة أخرى أنه مرآة حساسة للاقتصاد العالمي، وأن سعره في محلات التجزئة بالرياض أو جدة، يتأثر بشكل مباشر بقرارات تتخذ في واشنطن، وبيانات تصدر من بكين، مما يجعله ساحة استثمارية معقدة ومثيرة في آن واحد.