اليوم في هذه الساعة ... كوكب الأرض يبتعد عن الشمس في ظاهرة الأوج الفريدة!

يصل كوكب الأرض اليوم الخميس إلى أبعد نقطة له في مداره حول الشمس، والتي تُعرف علمياً بـ"الأوج"، وذلك عند الساعة 10:54 مساءً بتوقيت مكة المكرمة (07:54 مساءً بتوقيت غرينتش).
وتأتي هذه اللحظة بعد نحو أسبوعين من حدوث الانقلاب الصيفي في النصف الشمالي من الكرة الأرضية، وهي ظاهرة فلكية ذات أهمية كبيرة في فهم حركة الأرض والفصول المناخية.
إقرأ ايضاً:بعد وفاة جوتا.. نيفيز وكانسيلو يحاولان تجاوز الموقف قبل المواجهة المرتقبةنجم الهلال يخطف الأضواء بعد عودته.. وينال إعجاب إنزاغي
وأوضح رئيس الجمعية الفلكية بجدة، المهندس ماجد أبو زاهرة، أن وقوع الأرض في نقطة الأوج لا يعني أن بعد المسافة عن الشمس هو السبب الأساسي لتعاقب الفصول، حيث يعود ذلك بشكل رئيس إلى ميلان محور دوران الأرض بزاوية تبلغ حوالي 23.4 درجة.
هذا الميل يجعل نصف الكرة الأرضية الشمالي يميل باتجاه الشمس خلال فصل الصيف، في حين يكون النصف الجنوبي بعيداً عنها، والعكس يحدث خلال فصل الشتاء، ما يفسر التغيرات الموسمية في درجات الحرارة وأطوال النهار.
وأضاف أبو زاهرة أن مدار الأرض حول الشمس ليس دائرياً تماماً، بل بيضاوي الشكل بانحراف مركزي بسيط نسبياً يبلغ نحو 0.017، وهو ما يؤدي إلى تفاوت في المسافة بين الأرض والشمس خلال السنة بحوالي 5 ملايين كيلومتر، ما يمثل نحو 3.4% من متوسط المسافة بينهما البالغ حوالي 150 مليون كيلومتر.
ويحدث الأوج عندما تكون المسافة بين مركز الأرض ومركز الشمس في أقصاها، حيث تبلغ حوالي 152,088,000 كيلومتر هذا العام، وعن تأثير هذه الظاهرة، أوضح رئيس الجمعية الفلكية أن قرص الشمس يظهر ظاهرياً أصغر قليلاً خلال الأوج، إلا أن هذا الفرق دقيق جداً ولا يمكن ملاحظته بالعين المجردة.
كما أن اختلاف المسافة يؤثر على سرعة حركة الأرض في مدارها، إذ تتحرك الأرض أبطأ ما يمكنها عند نقطة الأوج، وهو ما يؤدي إلى إطالة فصل الصيف في نصف الكرة الشمالي، بينما يكون الشتاء أطول في النصف الجنوبي في نفس الوقت.
وعكس هذه الظاهرة يظهر عند "الحضيض"، وهي أقرب نقطة بين الأرض والشمس، والتي تحدث عادة في بداية شهر يناير من كل عام، في تلك اللحظة، تزداد سرعة دوران الأرض في مدارها، ما ينعكس على طول الفصول المناخية بزيادة طول الشتاء في النصف الشمالي وارتفاع سرعة الحركة المدارية للأرض.
وأشار المهندس أبو زاهرة إلى أن تواريخ حدوث الأوج والحضيض ليست ثابتة، بل تتغير بمرور الزمن، حيث تتحرك بمعدل يوم واحد تقريباً كل 58 عاماً، ويرجع ذلك إلى التغيرات الدورية في مدار الأرض وميله، مما يجعل توقيت هذه الظواهر متغيراً قليلاً من سنة لأخرى، هذه الحركة الدقيقة جزء من دورة فلكية معقدة تستمر لآلاف السنين، وتؤثر على أنماط الطقس والمناخ على كوكب الأرض.
واختتم حديثه موضحاً أن السبب الجوهري وراء تعاقب الفصول الأربعة هو ميل محور الأرض، بينما تسهم التغيرات في شكل المدار وحركته في تحديد طول الفصول وتأثيراتها المناخية.
ويعمل هذا التفاعل بين الميلان المداري والحركة البيضاوية للأرض على خلق تنوع موسمي يتغير بتغير مواقع الأرض في مدارها، مما يجعل الحياة على كوكب الأرض تتمتع بتنوع مناخي وفصلي غني.
تلك الظواهر الفلكية تلقي الضوء على مدى تعقيد ودقة النظام الكوني الذي تتحرك فيه الأرض، وتبرز أهمية متابعة هذه الظواهر لفهم التغيرات المناخية الموسمية وتأثيرها على البيئة والحياة البشرية.
ومع التطور العلمي والتقني، أصبح بالإمكان رصد هذه اللحظات بدقة عالية، مما يعزز من قدرة العلماء على التنبؤ بالأحوال الجوية وتحليل التأثيرات المحتملة على مختلف القطاعات الحيوية.