بعد اعترافها بـ"أزمة أداء".. "سامسونج" تطلق مشروعاً ضخماً لاستعادة "عرش" صناعة الرقائق

سامسونج تطلق مشروع ضخم
كتب بواسطة: احمد بامطر | نشر في  twitter

تواصل شركة "سامسونغ" الكورية العملاقة تعزيز موقعها في سباق التكنولوجيا العالمية، وذلك من خلال إعلانها بناء مصنع جديد متخصص في إنتاج الرقائق الإلكترونية في كوريا الجنوبية، في خطوة استراتيجية تستهدف إعادة رسم خريطة المنافسة في صناعة أشباه الموصلات عالمياً،

المصنع الجديد، الذي سيكون ضمن مجمّع بيونغ تيك الصناعي، يُعدّ من أكبر المشاريع التقنية التي تطلقها سامسونج في السنوات الأخيرة، ويأتي في إطار خطة توسعية طموحة تسعى الشركة من خلالها إلى تقليص الفجوة مع منافسين شرسين في هذا المجال، مثل TSMC و Intel وSK Hynix.


إقرأ ايضاً:إمارة المدينة تطلق "برمجان المنورة" لتحفيز الابتكار ودعم مبرمجي المستقبل!مشهد لا ينسى.... الهلال يفجرها بهدفين التعادل في شباك مانشستر سيتي!

وبينما يزداد الطلب على الرقائق المتقدمة، خاصة تلك المستخدمة في تطبيقات الذكاء الاصطناعي ومعالجات البيانات الضخمة، تسعى سامسونغ إلى حجز موقع ريادي في هذا القطاع، مستفيدة من دعم حكومي ضخم واستثمارات هائلة تتخطى المليارات من الدولارات.

تخطط سامسونغ لأن يكون المصنع الجديد متخصصًا في تصنيع شرائح HBM4، وهي نوعية فائقة الأداء تُستخدم في أنظمة الذكاء الاصطناعي، وخصوصًا في مراكز البيانات والخوادم التي تدير تطبيقات مثل تشات جي بي تي وأمثاله.

عودة الشركة إلى ضخ استثمارات بهذا الحجم تؤشر إلى رغبتها في استعادة زمام المبادرة في سوق عالمي يشهد تحولات متسارعة، خاصة مع هيمنة عدد محدود من الشركات على سلاسل التوريد الخاصة بالرقائق المتقدمة.

المثير أن مشروع المصنع الجديد لم يكن يسير بوتيرة ثابتة، إذ تأخر تنفيذ بعض مراحله في السابق نتيجة لتراجع مؤقت في الطلب العالمي، غير أن التطورات الأخيرة وارتفاع الإقبال على حلول الذكاء الاصطناعي أعاد الزخم بقوة لهذا المشروع الاستراتيجي.

سامسونغ كانت قد بدأت الإنتاج التجريبي لهذه النوعية من الشرائح، ومن المتوقع أن تنطلق في التصنيع التجاري الموسع مع نهاية عام 2025، ما يمنحها فرصة للمنافسة بقوة على عقود التوريد لأكبر شركات التقنية في العالم.

وتولي الحكومة الكورية الجنوبية اهتمامًا بالغًا بهذا المشروع وغيره من مبادرات تطوير صناعة الرقائق، حيث خصصت أكثر من 10 مليارات دولار على شكل قروض وتسهيلات للاستثمار في القطاع، في إطار خطة وطنية لجعل البلاد مركزًا عالميًا لصناعة الرقائق بحلول 2030.

المصنع المنتظر سيكون جزءًا من ما تسميه الحكومة بـ"الحزام الصناعي للرقائق"، الذي يتضمن عدة منشآت ومراكز أبحاث ومصانع إنتاج في أنحاء كوريا الجنوبية، ضمن منظومة متكاملة تسعى لاستقطاب الاستثمارات والشراكات الدولية.

ورغم أن سامسونغ تهيمن على سوق شرائح الذاكرة التقليدية منذ سنوات، فإنها كانت تواجه صعوبات في قطاع شرائح المعالجة أو "foundry"، حيث تحتدم المنافسة مع شركات مثل TSMC التي تتفوق في التقنية والدقة التصنيعية.

غير أن سامسونغ أكدت مؤخرًا أنها ماضية في تطوير هذا القطاع الحيوي داخل الشركة، ولن تقوم بفصل وحدة التصنيع عن باقي الأقسام، بل ستضخ المزيد من الاستثمارات لتحديث تقنياتها وتوسيع قدراتها.

وجاء اعتراف سامسونغ مؤخراً بـ"أزمة أداء" في قطاع الذكاء الاصطناعي ليكشف عن حجم التحديات التي تواجهها، إلا أن الشركة لم تكتف بالاعتراف، بل وعدت بتغييرات هيكلية جذرية تهدف إلى تحسين موقعها التنافسي.

ويُنظر إلى المصنع الجديد كأحد مفاتيح الخروج من هذه الأزمة، ليس فقط على مستوى الأرباح، بل من ناحية تعزيز الثقة في قدرة سامسونغ على مجاراة التحولات الكبرى في سوق التقنية الذي بات يعتمد بشكل متزايد على قدرات المعالجة الفائقة.

في ضوء هذه المعطيات، يمكن القول إن المصنع الجديد لا يُمثل مجرد توسع صناعي، بل هو إعلان نوايا واضح من سامسونغ بأنها عازمة على خوض المعركة حتى النهاية، واستعادة مكانتها كقوة لا يُستهان بها في صناعة الرقائق الإلكترونية.

وإذا ما نجحت في تحقيق أهدافها ضمن هذا المشروع، فقد نشهد تحوّلاً في موازين القوى التقنية خلال السنوات المقبلة، لا سيما وأن العالم مقبل على ثورة في الذكاء الاصطناعي والاتصال الفائق، حيث تُعتبر الرقائق هي القلب النابض لهذه الطفرة.

اقرأ ايضاً
الرئيسية | هيئة التحرير | اتصل بنا | سياسة الخصوصية