"خطر خفي" في هاتفك الذكي.. كيف تساهم "وسائل التواصل" في تفاقم شعورك بالوحدة والعزلة؟

كيف تساهم وسائل التواصل في تفاقم شعورك بالوحدة والعزلة
كتب بواسطة: محمد حسنين | نشر في  twitter

أطلقت منظمة الصحة العالمية تحذيرًا جديدًا من التأثيرات الخفية التي قد لا يلتفت إليها كثيرون، حيث كشفت في تقرير حديث أن الإفراط في استخدام الهواتف الذكية ووسائل التواصل الاجتماعي لا يؤثر فقط على الصحة النفسية، بل يُفاقم مشاعر الوحدة والعزلة الاجتماعية ويشكّل تهديدًا متزايدًا للصحة العامة عالميًا.

المنظمة أوضحت أن وتيرة الاستخدام اليومي للهاتف وارتباط الأفراد الدائم بالعالم الرقمي، يقابلها تراجع ملحوظ في العلاقات الواقعية والتفاعل المباشر بين البشر، مما ينعكس سلبيًا على الصحة العقلية والعاطفية خصوصًا بين فئتي الشباب والمراهقين.


إقرأ ايضاً:مشهد لا ينسى.... الهلال يفجرها بهدفين التعادل في شباك مانشستر سيتي!بلانيس يحسم الجدل حول شائعة الرحيل... والاتحاد قادم بصفقات نارية!

التقرير شدد على أن الشعور بالوحدة لم يعد حالة فردية عابرة، بل أصبح "جائحة اجتماعية صامتة"، إذ تؤدي العزلة المستمرة إلى اضطرابات النوم، وزيادة التوتر، وربما الإصابة بالاكتئاب، فضلًا عن تأثيرها على الوظائف الإدراكية معدلات التركيز.

وترى المنظمة أن العلاقة المتنامية بين الإنسان والهاتف باتت تتجاوز الاستخدام الطبيعي، لتتحول إلى نوع من "الاعتماد السلوكي"، حيث يجد المستخدم نفسه في حاجة مستمرة للتحقق من التنبيهات، والتمرير اللانهائي عبر المحتوى، دون إدراك لحجم الوقت المهدر.

وفي هذا السياق، دعا التقرير الدول والحكومات إلى إدراج قضية "الوحدة الرقمية" ضمن أجندات الصحة العامة، تمامًا كما يتم التعامل مع أمراض مزمنة مثل السكري وارتفاع ضغط الدم، نظرًا لتأثيرها العميق والمباشر على جودة حياة الأفراد والمجتمعات.

المنظمة العالمية لم تكتف بالتحذير، بل اقترحت عددًا من التوصيات الوقائية، منها تعزيز التوازن بين الوقت الذي يقضيه الأفراد على الشاشات والوقت المخصص للتفاعل الواقعي، وتشجيع الأنشطة الجماعية، ودعم الصحة النفسية عبر المدارس وأماكن العمل.

وأشار التقرير إلى أن بعض الدراسات الحديثة أظهرت أن قضاء أكثر من ثلاث ساعات يوميًا على تطبيقات التواصل يمكن أن يزيد من احتمالات الشعور بالوحدة بنسبة تصل إلى 60%، خاصة عندما يكون الاستخدام غير موجه أو مفتقرًا لهدف محدد.

كما لفت إلى أن منصات التواصل غالبًا ما تقدم صورة غير واقعية عن حياة الآخرين، ما يرسّخ شعور المقارنة والنقص، ويقوّض الرضا الذاتي، وهو ما يُسهم في مزيد من الانعزال والشعور بعدم الانتماء.

وشددت "الصحة العالمية" على أن المشكلة لا تتعلق بالتكنولوجيا بحد ذاتها، بل بطريقة استخدامها، حيث يمكن أن تكون أدوات رائعة للتواصل والدعم إذا تم استخدامها بوعي وحدود صحية واضحة.

وإلى جانب التحذيرات، نبه التقرير إلى ضرورة توجيه الآباء والمربين للحد من استخدام الأطفال والمراهقين للأجهزة الذكية، وتشجيعهم على بناء علاقات اجتماعية حقيقية، والمشاركة في أنشطة تفاعلية تُنمي مهاراتهم العاطفية والسلوكية.

وقد اعتبرت المنظمة أن التحدي الأكبر يكمن في كسر العزلة الاجتماعية التي تتغذى على النمط الرقمي المتسارع، مشددة على أن الإنسان كائن اجتماعي بطبيعته، وأن التفاعلات الواقعية لا تزال الركيزة الأهم لصحة نفسية متوازنة.

وأوصى الخبراء بتطبيق ما يسمى بـ"الصيام الرقمي"، أي الامتناع الطوعي عن استخدام الأجهزة لفترات منتظمة، واستبدالها بوقت نوعي مع الأسرة أو الأصدقاء، أو حتى التأمل والهدوء بعيدًا عن الضجيج الرقمي.

ويأتي هذا التحذير العالمي في وقت تتزايد فيه معدلات الاعتماد على الهواتف والتطبيقات الاجتماعية، مع توسّع الذكاء الاصطناعي وخوارزميات التفاعل، ما يجعل ضبط الاستخدام مسألة شخصية حرجة في الحفاظ على التوازن الذهني والنفسي.

وفي ظل هذا التوجه، دعت منظمة الصحة العالمية إلى تحرك جماعي، يبدأ من التوعية الفردية ويمتد إلى السياسات العامة، من أجل احتواء ظاهرة الوحدة الرقمية، وضمان أن تبقى التكنولوجيا وسيلة للتواصل لا سببًا للعزلة.

اقرأ ايضاً
الرئيسية | هيئة التحرير | اتصل بنا | سياسة الخصوصية