1415 كيلوغراماً من الحرير والذهب.. بدء تغيير كسوة الكعبة تزامناً مع حلول العام الهجري الجديد

كسوة الكعبة
كتب بواسطة: سعد محمد | نشر في  twitter

تتهيأ أنظار المسلمين من مشارق الأرض إلى مغاربها لمشهد مهيب ومتجدد، حيث تنطلق خلال الأيام المقبلة مراسم تغيير كسوة الكعبة المشرفة في مطلع العام الهجري الجديد 1447، في مشهد روحي يحبس الأنفاس ويجسد أسمى صور العناية والاهتمام بالمقدسات الإسلامية.

الهيئة العامة للعناية بشؤون المسجد الحرام والمسجد النبوي أعلنت عن بدء الاستعدادات النهائية لتنفيذ مراسم تبديل ثوب الكعبة وفق تقليد سنوي تتبناه المملكة العربية السعودية منذ عقود، بما يعكس روح التقديس والإجلال لهذا الحدث الفريد.


إقرأ ايضاً:احتفالية إيمانية.. تثبيت كسوة الكعبة الجديدة مع مطلع العام الهجري 1447هـجريًاعملاق الدور التركي يرغب.. أفضل حراس المونديال "بونو" يفكر!

يأتي ذلك بعد الانتهاء من كافة مراحل تصنيع الكسوة الجديدة داخل مجمع الملك عبدالعزيز لكسوة الكعبة المشرفة في حي أم الجود بمكة المكرمة، حيث استغرقت عملية الإنتاج قرابة أحد عشر شهرًا من العمل المتواصل والجهود الدقيقة المتراكمة.

تخضع مراحل تصنيع الكسوة لإجراءات صارمة تضمن الدقة والجودة، بدءًا من تحلية المياه المستخدمة في غسل الحرير الخام، مرورًا بعمليات الغسيل والصباغة باللون الأسود المميز، وانتهاءً بخياطة وتجميع الأجزاء وتثبيت المذهبات والتطريزات.

الحرير المستخدم في الكسوة يُعد خصيصًا لهذه المناسبة، حيث يُعالج وفق معايير خاصة ويُغزل بنقوش فنية متناسقة تعكس الهيبة والرهبة في آن واحد، فيما تُطبع الآيات القرآنية بأعلى درجات الدقة الهندسية قبل أن تُطرز بخيوط الذهب والفضة.

العملية تشمل أيضًا تركيب حزام الكعبة ومذهبات الركنين والستارة التي تغطي باب الكعبة، ويتم فحص كل جزء بعناية شديدة قبل تثبيته، ما يعكس التزامًا صارمًا بتطبيق أعلى المعايير في الإتقان والجمال، وهو ما يميز كل نسخة من كسوة الكعبة.

تُجمع الكسوة من 47 قطعة حريرية سوداء اللون، مطرزة بنحو 68 آية قرآنية باستخدام خيوط من الفضة المطلية بالذهب من عيار 24، ويبلغ وزنها الإجمالي ما يقارب 1415 كيلوجرامًا، ما يجعلها واحدة من أثقل وأفخم الكسوات في العالم الإسلامي.

وبحسب الخطة الزمنية المقررة، تنطلق عملية فك المذهبات من الكسوة القديمة بعد صلاة العصر يوم الأربعاء 29 من شهر ذي الحجة 1446هـ، وذلك استعدادًا لبدء مراسم تغيير الكسوة فجر يوم الخميس الأول من شهر محرم للعام الجديد.

تُنقل الكسوة الجديدة من مجمع الملك عبدالعزيز في مقطورة مخصصة بتجهيزات عالية تضمن حماية الكسوة من العوامل الخارجية، كما تصاحبها فرق ميدانية متخصصة تتولى مهمة الإشراف على عملية النقل والتثبيت داخل الحرم المكي الشريف.

وتتم عملية التثبيت بعد رفع الكسوة القديمة بحرص شديد، حيث يُنشر فريق من المختصين لتثبيت الأجزاء الجديدة على جدران الكعبة المشرفة، في عملية تستمر حتى اكتمال تركيبها قبيل شروق شمس أول يوم في السنة الهجرية الجديدة.

هذا الحدث يتكرر سنويًا إلا أن رهبته لا تتغير، حيث يمثل رمزًا دينيًا وثقافيًا وحضاريًا يعكس رسالة المملكة في رعاية الحرمين الشريفين وخدمة ضيوف الرحمن، فضلًا عن اعتزازها المستمر برعاية مراسم تغيير كسوة الكعبة منذ عقود طويلة.

ويشارك في هذا العمل قرابة 200 موظف من أصحاب المهارات الفنية العالية، ما بين حياكة وتطريز وفحص وتنسيق، ويجري تدريبهم على أعلى المستويات لضمان استمرار التميز في صناعة هذا الثوب المقدس الذي لا يشبه سواه في العالم.

كما تحظى عملية التغيير بمتابعة حثيثة من الجهات العليا، ويجري توثيقها سنويًا لتكون مرجعًا دينيًا وفنيًا للأجيال المقبلة، فيما يتم الاحتفاظ ببعض أجزاء الكسوة القديمة كمقتنيات نادرة في متاحف الحرمين الشريفين والمعارض الإسلامية.

وتحمل الكسوة في كل خيط منها رسالة روحية، وتعد انعكاسًا للهوية الإسلامية الجامعة التي تتجسد في الحرم المكي، حيث تتلاقى مشاعر ملايين المسلمين أمام الكعبة التي تزينها الكسوة السوداء المنقوشة بأعظم كلمات القرآن الكريم.

ويُعد هذا الحدث أحد أبرز المشاهد الرمزية التي تُفتتح بها السنة الهجرية، ليبقى في ذاكرة العالم الإسلامي رمزًا للتجديد والتطهير والاستمرار في تقديم كل ما يليق ببيت الله الحرام، ويؤكد المكانة الروحية الفريدة التي تحتلها مكة المكرمة.

اقرأ ايضاً
الرئيسية | هيئة التحرير | اتصل بنا | سياسة الخصوصية