ما علاقة "انتشار الأسلحة" بهواتف هواوي؟.. تايوان تكشف الأسباب الخطيرة وراء إدراج الشركة على القائمة السوداء

شهدت العلاقات التجارية العالمية توترًا جديدًا، بعدما أقدمت تايوان على خطوة تصعيدية بإدراج اثنتين من كبريات الشركات التقنية الصينية، وهما "هواوي" و"إس إم آي سي"، ضمن قائمة سوداء خاصة بها، يُنظر إلى هذا القرار على أنه قد يضع قيودًا مشددة أمام أي تعاون مستقبلي بين هاتين الشركتين وبين مصنعي الرقائق التايوانيين.
تتطابق هذه الخطوة التايوانية بشكل كبير مع التوجهات والسياسات التجارية التي تتبناها الولايات المتحدة الأمريكية تجاه الشركات الصينية، إلا أن هذا التوافق قد يأتي على حساب زيادة حدة التوترات القائمة بالفعل بين تايبيه وبكين، ما ينذر بمزيد من التعقيدات في المشهد الجيوسياسي والاقتصادي بالمنطقة.
إقرأ ايضاً:هل أنت من الفئات المستهدفة؟.. فرصة تعليمية حصرية تطلقها المملكة لفئات معينة من المواطنينصفقة أوروبية تربك خطط النصر الدفاعية..عرض مفاجئ لنجم الدفاع والغموض يلف مستقبله
ووفقًا للوائح والقوانين التايوانية المعمول بها حاليًا، يتوجب على الشركات المحلية الحصول على تراخيص وموافقات مسبقة من الجهات التنظيمية المختصة قبل الإقدام على شحن أي منتجات أو مكونات إلى الكيانات التي جرى إدراجها في القائمة السوداء، هذا يضيف طبقة جديدة من التدقيق والرقابة على المعاملات التجارية.
من جانبها، أوضحت إدارة التجارة الدولية التايوانية أن قرار إدراج "هواوي" و"إس إم آي سي" جاء ضمن قائمة تضم 601 كيان أجنبي جديد، وأرجعت الإدارة هذا الإجراء إلى تورط هذه الكيانات في أنشطة تتعلق بانتشار الأسلحة، بالإضافة إلى مخاوف أخرى تتعلق بالأمن القومي.
وليست هذه هي المرة الأولى التي تجد فيها الشركتان الصينيتان نفسيهما في قوائم الحظر، فقد سبق أن أدرجتهما الولايات المتحدة الأمريكية على قائمتها السوداء التجارية، وقد تأثرت الشركتان بالفعل بشكل كبير جراء القيود الشاملة التي فرضتها واشنطن على توريد الرقائق المتقدمة والتقنيات المرتبطة بها.
يُذكر أن شركات كبرى مثل شركة تايوان لتصنيع أشباه الموصلات (TSMC)، والتي تُعد من أبرز المصنعين المتعاقدين للرقائق على مستوى العالم، تلتزم بالفعل بالعديد من قيود التصدير التي فرضتها الولايات المتحدة، هذا يوضح مدى تأثير السياسات الأمريكية على سلاسل الإمداد العالمية في قطاع أشباه الموصلات.
وكانت شركة TSMC قد وجدت نفسها في قلب جدل واسع النطاق في شهر أكتوبر من العام الماضي، وذلك عندما كشفت شركة "تيكنلوجيست" المتخصصة في أبحاث أشباه الموصلات، عن وجود شريحة مصنعة بواسطة TSMC ضمن بطاقة تدريب للذكاء الاصطناعي تابعة لشركة هواوي.
وقد أثار هذا الاكتشاف تساؤلات جدية حول مدى الالتزام بالقيود المفروضة على تصدير التقنيات الحساسة، فبينما كانت واشنطن تسعى لإحكام الخناق على وصول الشركات الصينية إلى التقنيات المتقدمة، بدا أن هناك ثغرات قد تسمح بالتحايل على هذه القيود.
في أعقاب هذا الكشف، أصدرت وزارة التجارة الأمريكية أمرًا لشركة TSMC يمنعها من تزويد العملاء الصينيين بالرقائق التي تُستخدم في خدمات وتطبيقات الذكاء الاصطناعي، هذا يعكس مدى حساسية واشنطن تجاه استخدام هذه التقنيات لأي أغراض قد تتعارض مع مصالحها الأمنية.
ولم يقف الأمر عند هذا الحد، فقد أشارت تقارير متعددة إلى أن شركة TSMC قد تواجه غرامة مالية ضخمة تصل إلى مليار دولار أمريكي، هذه الغرامة تأتي في إطار تسوية تحقيق أمريكي واسع النطاق يجري بخصوص هذه المسألة، ويهدف إلى ضمان التزام الشركات بالضوابط المفروضة.
يُظهر هذا التطور الأخير مدى تعقيد وتشابك شبكة العلاقات التجارية والتقنية الدولية، خاصة في ظل التنافس المحتدم بين القوى الكبرى، كما يسلط الضوء على الدور المحوري الذي تلعبه تايوان في صناعة أشباه الموصلات، ما يجعلها طرفًا فاعلاً في هذه التوترات.
ومن المرجح أن تزيد هذه القرارات من الضغوط على الشركات التقنية الصينية، وتجعل مهمتها في الحصول على المكونات والتقنيات اللازمة أكثر صعوبة، هذا قد يدفعها نحو تطوير قدراتها الذاتية بشكل أكبر، ولكن على المدى القصير، ستواجه تحديات جمة.
في المقابل، فإن هذه الخطوات قد تعزز موقف الولايات المتحدة وتايوان في فرض رؤيتهما على النظام التجاري التقني العالمي، ولكنها في الوقت نفسه، قد تدفع الصين نحو اتخاذ إجراءات مضادة، مما يزيد من احتمالية تصاعد حدة الحرب التجارية والتقنية.
إن تداعيات هذه القرارات قد تتجاوز مجرد الشركات المعنية لتطال سلاسل الإمداد العالمية بأكملها، وتؤثر على الابتكار والتطور في قطاع التقنيات المتقدمة، المستقبل يحمل في طياته الكثير من عدم اليقين بشأن مسار هذه المواجهة المستمرة.