جريمة الظهران: مصادر تكشف ما دفع المقيم لقتل الشيخ عبدالملك قاضي

عبدالملك قاضي
كتب بواسطة: رانية خالد | نشر في  twitter

في حادثة مأساوية هزت المجتمع السعودي، كشفت مصادر مقربة من الشيخ الدكتور عبدالملك قاضي، عن تفاصيل جديدة حول جريمة مقتله البشعة التي وقعت مؤخرًا في مدينة الظهران بالمنطقة الشرقية، على يد مقيم من الجنسية المصرية، في جريمة حملت طابع الغدر والخيانة، وخلّفت حزنًا واسعًا في الأوساط العلمية والاجتماعية.

وتعود خلفية الجريمة إلى علاقة كان ظاهرها الإحسان والرحمة، إذ إن الجاني كان يعمل في متجر بقالة مجاور لمنزل الدكتور عبدالملك، ويتولى توصيل الطلبات للمنازل، وبسبب الظروف الصحية التي كان يعاني منها الشيخ الراحل، حيث كان يستخدم كرسيًا متحركًا ويصعب عليه الخروج من منزله، كان يستعين بخدمات هذا العامل، ويخصه بعطفٍ استثنائي، حيث اعتاد أن يمنحه المال بين الحين والآخر، كنوع من المساعدة والدعم الإنساني، لكن هذا الإحسان قوبل بجريمة نكراء، كشفت عن وجه مظلم لا يمتّ للوفاء أو التقدير بأي صلة.
إقرأ ايضاً:عبوة زمزم واحدة لكل حاج: تنظيم جديد لحج أكثر سلاسةنجم الهلال يعود للمونديال بعد تعافي من الإصابة

وتشير التفاصيل التي روتها المصادر، إلى أن الجاني استغل تلك الثقة في ليلة الجريمة، إذ حضر إلى المجمع السكني الذي يقيم فيه الدكتور عبدالملك، مدعيًا لحارس الأمن أنه يحمل طلبًا منزليًا كما جرت العادة، فتم السماح له بالدخول، وعندما وصل إلى باب الشقة، ضغط على الجرس، وما إن فتح الدكتور الباب حتى انهال عليه بطعنات متتالية بلغ عددها عشر طعنات، في مشهد مروع لم يُمهل الضحية حتى فرصة الدفاع عن نفسه.

ولم تتوقف المأساة عند هذا الحد، بل توجّه الجاني بعد ارتكاب جريمته الأولى إلى زوجة الدكتور، التي حاولت التوسل إليه والتفاهم معه، بل وأبدت استعدادها لمنحه المال مقابل الرحيل، غير أن القاتل كان عازمًا على سفك الدماء، فسدّد لها أربع طعنات، لكنها تمكنت –بإعجاز النجاة– من الهرب والاستنجاد بحارس المجمع، الذي حاول بدوره إيقاف الجاني، لكنه نال نصيبه من الطعن أيضًا، قبل أن يتمكن القاتل من الفرار من موقع الجريمة، تاركًا وراءه دماء الأبرياء، وأحزانًا لا توصف.

وفي محاولة للهروب من العدالة، توجه القاتل مباشرة إلى أحد المطارات في المنطقة الشرقية، في مسعى للسفر إلى مصر، لكن يقظة الجهات الأمنية كانت له بالمرصاد، إذ تم القبض عليه قبل مغادرته البلاد، وتم إيقافه وإحالته إلى النيابة العامة، حيث بدأت التحقيقات النظامية بحقه لكشف كافة ملابسات الجريمة، وتقديمه للعدالة.

من جانبها، أصدرت وزارة الداخلية بيانًا أوضحت فيه أن دوافع الجريمة تعود في مجملها إلى محاولة السرقة، حيث تبين أن الجاني كان يرزح تحت وطأة ديون مالية في بلاده، ما دفعه إلى التفكير في ارتكاب الجريمة طمعًا في الحصول على المال، دون اعتبار لما قد يترتب على فعلته من مآسٍ وتبعات جنائية وأخلاقية.

وقد ووري جثمان المغدور الثرى في مدينة الظهران يوم الخميس الماضي، وسط حضور مهيب من محبيه وطلابه وزملائه، الذين نعوه بقلوب دامعة، مشيرين إلى مكانته العلمية والاجتماعية، فالراحل كان أستاذًا جامعيًا بارزًا، سبق له التدريس في جامعة الملك فهد للبترول والمعادن، وكان عالمًا مرموقًا في علوم الحديث النبوي، وله مؤلفات معتبرة في هذا المجال، إلى جانب سمعته الطيبة التي انتشرت في أوساط من عرفوه، كشخصية دمثة، متواضعة، محبة للخير ومعطاءة في كل مواقف الحياة.

تلك الجريمة المروعة، لم تكن مجرد اعتداء على شخص، بل هي طعنة في صميم الثقة الإنسانية، وجريمة كشفت كيف يمكن أن يتحول الإحسان إلى سلاح في يد من لا يستحقه، ومع تداول تفاصيل الجريمة، عبّر كثير من المواطنين والمقيمين عن صدمتهم البالغة من بشاعة الحادثة، متسائلين عن حجم الدوافع التي قد تدفع إنسانًا لقتل من أحسن إليه، كما طالب البعض بتشديد الرقابة على العمالة الوافدة ومراجعة آليات التوظيف والتأهيل النفسي لها.

وفيما تواصل النيابة العامة والجهات المعنية متابعة القضية، ينتظر الرأي العام ما ستسفر عنه التحقيقات، على أمل أن يُقتص للفقيد العالِم العطوف من قاتله، وأن تكون هذه الجريمة عبرة لكل من تسوّل له نفسه ارتكاب الشرّ بحق الأبرياء.

اقرأ ايضاً
الرئيسية | هيئة التحرير | اتصل بنا | سياسة الخصوصية