فوضى سوق الأثاث "بحراج النسيم" تكشف احتكار العمالة وغياب الرقابة.. مطالبات بتدخل "أمانة الرياض"

أمانة الرياض
كتب بواسطة: محمد حسنين | نشر في  twitter

رصدت الكاميرات اليوم مشهدًا مقلقًا داخل ساحة الحراج في سوق الأثاث المستعمل بحي النسيم شرق الرياض، حيث باتت الساحة العامة تُدار بشكل عشوائي من قِبل عمالة وافدة، حولتها إلى معرض مفتوح على مدار الساعة لبيع الأثاث دون ضوابط تنظيمية، وسط غياب واضح للرقابة الميدانية والتدخل الرسمي، الساحة، المعروفة محليًا باسم "حراج بن قاسم"، باتت تعج بالحركة اليومية المكثفة، وتُسجَّل فيها مشاهد من التكدس والفوضى، حيث تصطف مركبات النقل الكبيرة والصغيرة المحمّلة بالأثاث بشكل غير منظم، وتُعرض البضائع في أماكن غير مصرح بها، متجاوزة حدود المحال التجارية إلى الشوارع والساحات المجاورة.

وأكد عدد من الباعة أن المعروضات التي تملأ الساحة ليست بالضرورة مملوكة لأفراد عشوائيين، بل تعود في كثير من الأحيان لمحال تجارية تستخدم هذا الامتداد الخارجي وسيلة للتحايل على الأنظمة البلدية التي تحظر البيع خارج حدود المحل، ويكشف أحد العاملين في السوق، أن هناك من يزاول البيع لحساب المحال الرسمية، فيما يعمل آخرون بصورة فردية دون أي تصاريح أو التزامات نظامية، مستغلين ضعف الرقابة، وغياب أي جهة تنظيمية تمنع هذا النشاط العشوائي المستمر.


إقرأ ايضاً:لأول مرة في تاريخ البطولة.. "الجوازات السعودية" تطلق "ختماً خاصاً" لهذا الحدث العالميبعد خروج "فلامنغو" و"بوتافوغو".. "فلومينينسي" يشعلها بتغريدة ساخرة ويستعد للهلال

وما يزيد من تعقيد المشهد، أن النشاط لا يتوقف عند ساعات محددة بل يمتد حتى وقت متأخر من الليل، وسط أضواء متناثرة، وضجيج متواصل، وتدفق مستمر للزبائن الباحثين عن صفقات رخيصة، في مشهد يفتقر لأدنى معايير السلامة والنظام، وعلى الرغم من أن الساحة تُعد مرفقًا عامًا من المفترض أن يُدار وفق آليات بلدية واضحة، إلا أن السيطرة عليها باتت فعليًا في يد عمالة وافدة، قامت بتقسيمها إلى مساحات محددة، تُؤجر وتُحتكر من دون أي سند قانوني، مما حرم العديد من المواطنين والتجار النظاميين من الاستفادة منها.

هذا الاحتكار العشوائي للموقع أفرز ممارسات غير قانونية، أبرزها فرض رسوم غير معلنة على من يرغب في عرض بضاعته، في ظل غياب أي جهة إشرافية تُنظم العملية أو تحاسب المخالفين، وهو ما أثار استياء عدد من الباعة السعوديين الذين حاولوا دخول السوق وفوجئوا بمنعهم أو مضايقتهم، كما تعاني المنطقة المحيطة بالحراج من تكدس مروري خانق يوميًا بسبب الازدحام الشديد، وغياب مواقف منظمة، الأمر الذي يتسبب في فوضى مرورية تمتد إلى الشوارع المجاورة وتؤثر على الحركة اليومية للسكان وزوار الحي.

ولم تتوقف الفوضى على البنية التنظيمية، بل امتدت إلى نوعية البضائع المعروضة، إذ تُعرض بعض قطع الأثاث وهي في حالة تالفة أو غير صالحة للاستعمال، دون أي رقابة أو تحديد للمسؤوليات، مما يعرض المستهلكين للاحتيال وشراء سلع دون ضمان أو جودة حقيقية، كذلك لا توجد آلية واضحة للتعامل مع النفايات أو البضائع التالفة التي تُترك في المكان بعد انتهاء البيع، فتتحول الساحة في نهاية اليوم إلى بيئة غير صحية مليئة بالمخلفات.

ويطالب عدد من سكان حي النسيم الجهات المعنية، وعلى رأسها الأمانة العامة لمدينة الرياض، بالتدخل الفوري لإعادة تنظيم السوق، وتحديد آلية شفافة لتوزيع المساحات، وضمان أن يُدار المرفق بطريقة نظامية تحفظ الحقوق وتمنع الاستغلال والاحتكار، كما دعا المواطنون إلى تكثيف الحملات الرقابية، وتفعيل دور البلديات الفرعية للحد من المخالفات، التي لا تقتصر على البيع العشوائي بل تشمل الاستحواذ غير النظامي على الأملاك العامة.

وفي غياب التنظيم الرسمي، بات السوق عرضة لظهور ممارسات غير قانونية أخرى مثل التستر التجاري، وغسيل الأموال، والعمالة السائبة، التي تجد في هذا النوع من الفوضى بيئة خصبة للعمل خارج الإطار القانوني دون رقيب أو حسيب، وتؤكد مصادر مطلعة أن هناك مطالبات متكررة خلال السنوات الأخيرة لإعادة تأهيل ساحة حراج النسيم، وإنشاء سوق منظم وفق معايير تجارية وصحية، إلا أن هذه المطالبات لم تجد طريقها للتنفيذ حتى الآن.

وتشير التقارير الميدانية إلى أن هذا الوضع لا يقتصر على حراج النسيم فقط، بل ينسحب على أسواق أخرى مشابهة في مناطق متعددة من العاصمة، مما يستدعي تدخلاً استراتيجيًا من الجهات العليا لضبط هذه الأسواق بشكل شامل، كما يُتوقع أن تشهد المرحلة المقبلة تحركًا من قبل الجهات التنظيمية، خاصة مع ازدياد الشكاوى وتداول الصور والفيديوهات التي توثق حجم الفوضى والانفلات، ما قد يدفع الجهات المعنية إلى فرض قرارات صارمة قريبًا.

ويأمل كثير من المهتمين بتنظيم الأسواق الشعبية أن تُستثمر هذه الفوضى كمحفز للتطوير لا كعبء إداري، عبر استحداث أنظمة رقمية لإدارة الأسواق، ومنح تراخيص رقمية، وتوفير بيئة عادلة تضمن التنافسية وتحفظ حقوق العاملين والمستهلكين، ولا تزال الأنظار تترقب ما إذا كانت الجهات الرقابية ستُبادر بالتحرك العاجل، أو أن السوق سيبقى على حاله، ساحةً للفوضى والتجاوزات، في ظل تجاهل طال أمده.

اقرأ ايضاً
الرئيسية | هيئة التحرير | اتصل بنا | سياسة الخصوصية