تحذير من "دارة الملك عبدالعزيز".. لا تنخدعوا بهذه "الأوراق القديمة".. وهذا هو السبب

أكدت دارة الملك عبد العزيز أن الوثائق الشخصية لا تُعد بالضرورة دليلًا على ارتباط صاحبها بعمل حكومي أو منصب رسمي، موضحة أن امتلاك الأفراد بعض المكاتبات أو الأوراق الممهورة بتوقيعات رسمية أو أختام قد يُفسّر بشكل خاطئ دون الرجوع إلى السياق الزمني والوظيفي لتلك الوثائق.
وجاء هذا التوضيح ضمن جهود الدارة في تعزيز الوعي الأرشيفي والتاريخي لدى الأفراد والجهات، ولا سيما بعد تزايد تداول بعض الوثائق القديمة في وسائل الإعلام ومواقع التواصل، والتي يُستند إليها أحيانًا في نسب مناصب أو مهام لم يسبق إثباتها بالأدلة النظامية.
إقرأ ايضاً:تطور غير مسبوق.. صفقة تبادلية تاريخية بين الهلال والنصر تهز الأوساط الرياضيةتفاصيل مثيرة.. كيف أقنع النصر "مدرب الهلال السابق" بالعودة إلى الرياض؟
وأشارت الدارة إلى أن الوثيقة، مهما كانت رسميتها، لا يمكن أن تكون مصدرًا مستقلًا للحكم على الوضع الإداري أو المهني لشخص ما، ما لم تكن مدعومة بسجلات نظامية وأوامر مباشرة صادرة عن الجهات المخولة بالتعيين أو الإسناد الوظيفي.
وتعد هذه الخطوة من الدارة تأكيدًا على أهمية التعامل مع الوثائق بعين الباحث المتخصص، لا بعين المتلقي العابر أو المروج للمعلومات التاريخية خارج سياقها، خاصة في ظل اتساع الرقعة الرقمية وسرعة تداول المحتوى دون تحقق.
وأوضحت الدارة في بيانها أن بعض الوثائق الشخصية، مثل المراسلات الخاصة أو شهادات الشكر، قد تُفهم على أنها دلالة على عمل رسمي، بينما هي في حقيقتها لا تتعدى كونها مراسلات تقديرية أو تواصل إداري محدود لا يحمل طابع التكليف أو الولاية.
كما نبهت إلى أن فئة من الوثائق المتداولة تعود لفترات كانت فيها الأنظمة الإدارية في طور التطور، حيث لم تكن الوثائق تُصدر وفق النماذج الموحدة أو الإجراءات الرسمية الحالية، ما يستدعي الحذر في تفسير مضامينها وعدم إسقاط معايير اليوم على الماضي.
وشددت على ضرورة التفرقة بين الوثيقة كمادة تاريخية والوثيقة كمصدر إثبات قانوني، مؤكدة أن قراءة التاريخ تحتاج إلى أدوات تحليلية دقيقة ومعرفة معمقة بسياق الأحداث، والأطر الزمنية التي صدرت فيها تلك الوثائق، وما إن كانت تُعبّر عن تكليف أو مجرد تواصل إداري.
وأعادت الدارة التأكيد على أن دورها لا يقتصر على حفظ الوثائق، بل يمتد إلى تفسيرها وتوثيقها ضمن إطارها المؤسسي الصحيح، معتبرة أن تعزيز الثقافة الأرشيفية في المجتمع يعد جزءًا من مسؤولياتها تجاه التاريخ الوطني للمملكة.
وفي ضوء ما يتم تداوله من صور وثائق أو مقتطفات على منصات التواصل الاجتماعي، شددت الدارة على أهمية التحقق من صحة الوثائق ومصدرها وسياق استخدامها، قبل اعتمادها كمعلومة أو نسبها إلى شخصية تاريخية أو جهة رسمية.
وأهابت الدارة بالمهتمين بالتاريخ، من باحثين وهواة وكتّاب، الرجوع إلى مصادر التوثيق المعتمدة، والاستفادة من الخبرات المتخصصة المتوفرة لديها، مشيرة إلى أن التفسير الخاطئ للوثائق قد يخلق التباسات غير صحيحة في فهم الأحداث التاريخية أو السير الذاتية.
كما دعت المؤسسات الإعلامية إلى التحلي بالمسؤولية عند عرض أو مناقشة الوثائق القديمة، وضرورة التواصل مع الجهات المختصة بالتاريخ الوطني والأرشفة، لتقديم المعلومات الدقيقة، خاصة في ما يتعلق بالأشخاص الذين لا يزال لهم امتداد عائلي أو تأثير اجتماعي قائم.
ويأتي هذا البيان في وقت بات فيه الوصول إلى الوثائق أكثر سهولة، نتيجة التحول الرقمي وتنامي المبادرات الشخصية في مشاركة محتويات الأرشيف الخاص، ما يضاعف من أهمية ضبط المفاهيم المرتبطة بالتوثيق والتفسير والتأويل التاريخي.
وتعمل الدارة منذ سنوات على مشروع شامل لأرشفة الوثائق وتنظيمها رقمياً، إلى جانب برامج تثقيفية وتوعوية موجهة للمجتمع، بغرض ترسيخ منهج علمي في التعامل مع الوثيقة، وتوضيح الفروقات الدقيقة بين أنواعها ومجالات استخدامها.
وتحرص الدارة على التعاون مع الجهات الأكاديمية ومراكز البحوث التاريخية، لتطوير أدوات فحص الوثائق وتدقيقها، إلى جانب نشر دراسات ودلائل إرشادية تساعد في التمييز بين الوثائق النظامية والتقديرية، أو الرسمية والشخصية.
وفي الختام، دعت دارة الملك عبد العزيز الجميع إلى المساهمة في حفظ التاريخ الوطني بعدم تداول معلومات غير دقيقة، أو اجتزاء الوثائق خارج سياقها، معتبرة أن الوثيقة الحقيقية لا تكشف تاريخًا دقيقًا إلا حين تُقرأ ضمن زمانها ومكانها ومؤسساتها الرسمية.