بـ 4 ساعات أقل من المعتاد.. كيف نجحت "هيئة العناية" في تحقيق هذا الإنجاز التقني والتنظيمي؟

أتمت الهيئة العامة للعناية بشؤون المسجد الحرام والمسجد النبوي مراسم استبدال كسوة الكعبة المشرفة لهذا العام 1447هـ، في إنجاز غير مسبوق من حيث سرعة التنفيذ ودقته، حيث انطلقت العملية في تمام الساعة الثانية عشرة منتصف ليل الخميس، غرة شهر المحرم، وتم الانتهاء منها عند الساعة السادسة وأربعين دقيقة صباحًا من اليوم ذاته، لتسجل فرق العمل زمنًا قياسيًا بفارق أربع ساعات أقل من المعدلات المعتادة في الأعوام الماضية.
ويعد هذا التوقيت القياسي محطة فارقة في سجل العناية بالكعبة المشرفة، إذ يعكس مستوى متقدمًا من التنسيق والتخطيط المحكم الذي باتت تعتمد عليه الهيئة في تنفيذ واحدة من أعظم المهام المرتبطة بخدمة بيت الله الحرام، فالمراسم التي طالما ارتبطت بالدقة والوقار، أضحت اليوم نموذجًا في الكفاءة التشغيلية والجاهزية الفنية.
إقرأ ايضاً:بشرى سارة لمواطني الخليج.. السعودية تعلن عن "تسهيلات غير مسبوقة" لأداء العمرة"قرار حاسم" يُشعل حركة نقل مديري المدارس ووكلاؤها.. هل أنت منهم؟
وبحسب ما أوضحته الهيئة، فقد أسهمت حزمة من العوامل الفنية والتنظيمية في الوصول إلى هذا الأداء النوعي، كان من أبرزها اعتماد آلية متقدمة لخياطة الجهات الأربع من الكسوة مسبقًا، مما قلّص الكثير من الوقت الذي كان يُستهلك سابقًا خلال مراحل التثبيت والتنسيق.
وتمت الاستعدادات بأسلوب احترافي دقيق، شمل تجهيز الكعبة المشرفة قبل موعد التنفيذ، مع تحديد مواضع الحزام باستخدام شريط لاصق لبيان الحدود العليا والدنيا، وهو ما ساعد على تفادي الإجراءات اليدوية التي كانت تستغرق وقتًا أطول في السابق.
كما تم إعداد الحبال الخاصة برفع الكسوة وتحديد ارتفاعاتها بدقة مسبقة، وهو ما أتاح للفنيين سرعة الوصول إلى نقاط التثبيت على سطح الكعبة المشرفة دون الحاجة إلى تعديلات أثناء العمل، ما أضاف مرونة وسرعة في الأداء ورفع مستوى الأمان كذلك.
وكان من أبرز العوامل المساهمة في هذا الإنجاز هو تدريب الكوادر الفنية المنفذة للعمل قبل وقت كافٍ من الموعد المحدد، حيث عزز التدريب المسبق من كفاءة المشاركين في المهمة، ورفع جاهزيتهم للتعامل مع جميع مراحل الاستبدال بمرونة وخبرة عالية.
وتجلى أثر هذا التدريب بشكل واضح أثناء العمل، حيث سارت عملية استبدال الكسوة بسلاسة لافتة وباحترافية كاملة، بداية من فك الكسوة القديمة، ومرورًا بتركيب الكسوة الجديدة، وانتهاء بتثبيتها بإحكام تام على كافة أضلاع الكعبة المشرفة.
ولم تكن هذه السرعة على حساب الجودة، إذ رُوعي في جميع مراحل التنفيذ أعلى المعايير الفنية، إلى جانب استخدام أحدث الوسائل والتقنيات التي أسهمت في ضمان سلامة العاملين والمكونات، ورفع دقة التثبيت والمحافظة على المظهر الجمالي والرمزي للكسوة.
ويعكس هذا الإنجاز التطور المستمر الذي تشهده منظومة رعاية الحرمين الشريفين، خاصة في ما يتعلق بالعناية بالكعبة المشرفة، حيث تُبذل جهود كبيرة لترسيخ معايير أداء دقيقة تليق بمكانتها الدينية والتاريخية والروحية لدى المسلمين في أنحاء المعمورة.
ويأتي هذا النجاح امتدادًا لنهج القيادة الرشيدة، التي لا تدخر جهدًا في تطوير مستوى الخدمات المقدمة في الحرمين الشريفين، من خلال الاستثمار في التقنيات الحديثة وتدريب الكوادر الوطنية، وتوفير كل ما من شأنه تسهيل العمل في بيئة روحانية مقدسة.
وقد حظيت مراسم التبديل هذا العام بمتابعة دقيقة وتفاعل واسع من قبل المسلمين حول العالم، الذين تابعوا الحدث عبر منصات الإعلام المختلفة، وسط مشاعر الفخر والاعتزاز بهذه العناية الفائقة ببيت الله الحرام، التي تعكس بجلاء مكانة المملكة العربية السعودية كخادمة للحرمين الشريفين.
ومع كل عام هجري جديد، تتحول لحظة استبدال الكسوة إلى مناسبة رمزية تبعث في النفوس رهبة وجلالًا، وتمثل واحدًا من أسمى صور العناية التي تُوليها المملكة للكعبة المشرفة، بما في ذلك من طقوس دقيقة وتفاصيل متقنة تعكس روحانية المكان وعظمة الحدث.
هذا الإنجاز التشغيلي والتقني، وإن بدا في أرقامه مجرد فارق زمني، إلا أنه يمثل نتاج تراكم سنوات من التطوير والعمل الممنهج، ويؤكد أن العناية بالكعبة المشرفة لم تعد مجرد واجب، بل أصبحت نموذجًا إداريًا يحتذى به في فنون التخطيط والتنفيذ المبكر والدقيق.